إكس

اتفاقية جديدة من "إكس" تحظر استغلال محتواها لأغراض الذكاء الاصطناعي

كتب بواسطة: احمد قحطان |

في خطوة جديدة تبرز التوتر المتصاعد بين شركات التقنية الكبرى في عصر الذكاء الاصطناعي، قامت شبكة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقاً) بتحديث اتفاقية المطورين الخاصة بها لتقييد استخدام بياناتها في تدريب النماذج اللغوية الكبيرة، ويعد هذا التغيير جزءاً من استراتيجية متصاعدة لحماية المحتوى الذي يُنتجه المستخدمون من أن يُستخدم مجاناً لصالح منافسين في قطاع الذكاء الاصطناعي، وسط سباق عالمي على تطوير النماذج الأكثر ذكاءً وتأثيراً في السوق.

التعديل الجديد، الذي أُدرج في قسم "الهندسة العكسية والقيود الأخرى" ضمن اتفاقية الاستخدام، ينص بوضوح على أنه لا يجوز استخدام محتوى منصة "إكس" أو واجهة برمجة تطبيقاتها (API) في ضبط أو تدريب النماذج اللغوية الأساسية أو الرائدة، وقد تم الإعلان عن التعديل يوم الأربعاء، ليثير موجة من التفاعل في أوساط المطورين وشركات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على بيانات مفتوحة لتطوير تقنياتها.
إقرأ ايضاً:في خدمة ضيوف الرحمن عيادة سكتة دماغية متنقلة تتنقل في المشاعر المقدسة!صدمة لمستخدمي آبل يوتيوب يودّع أجهزة الآيفون والآيباد القديمة!

يأتي هذا التغيير في أعقاب استحواذ شركة xAI، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والمملوكة لإيلون ماسك، على منصة "إكس" في مارس الماضي، ومن الطبيعي أن تسعى xAI إلى حماية البيانات التي باتت تملكها، إذ تُعد محتويات "إكس" مصدراً ضخماً ومتنوعاً للبيانات التي تُستخدم في تدريب النماذج اللغوية، بدءاً من تحليل النصوص وحتى فهم الاتجاهات العامة في الرأي العام العالمي، وبذلك، فإن منع الوصول المفتوح إلى هذه البيانات يمثل خطوة لحماية الأصول الرقمية من الاستخدام غير المصرح به من قبل المنافسين.

وقد سبقت هذه الخطوة تغييرات أخرى أجرتها "إكس" العام الماضي، عندما قامت بتعديل سياسة الخصوصية الخاصة بها للسماح باستخدام البيانات العامة في تدريب نماذجها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وتبع ذلك، في أكتوبر، قرارات إضافية فتحت الباب أمام أطراف ثالثة باستخدام البيانات، ضمن شروط محددة، الأمر الذي أثار وقتها تساؤلات حول خصوصية المستخدمين وكيفية حماية محتوياتهم الشخصية من التوظيف التجاري.

لكن مع التوسع المتسارع في تطوير النماذج اللغوية واستخدامها في تطبيقات مثل المساعدات الذكية ومنتجات التوليد التلقائي للنصوص، بدأت الشركات المالكة للمنصات الرقمية الكبرى تدرك أهمية حماية محتواها من التوظيف المجاني من قبل جهات أخرى، وهذا ما دفع شركات مثل "ريديت" إلى اتخاذ خطوات مماثلة، من خلال فرض قيود صارمة على أدوات الزحف الآلي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي غالباً ما تستخدم لجمع كميات ضخمة من البيانات النصية دون إذن أو مقابل.

ويبدو أن موجة الحماية هذه باتت نهجاً عاماً في القطاع، إذ شهد الشهر الماضي إعلاناً مشابهاً من شركة The Browser Company التي أضافت بنداً جديداً في شروط استخدام متصفحها "Dia"، يمنع استخدام البيانات المجمعة عبر المتصفح لأغراض تدريب النماذج اللغوية، وهذا الاتجاه يشير إلى إعادة رسم ملامح العلاقة بين المحتوى المفتوح وأدوات الذكاء الاصطناعي، مع تصاعد القلق من أن النماذج المتقدمة قد تُبنى على جهود الآخرين دون مقابل.

هذا التصعيد في القيود يعكس كذلك تغيراً في المفهوم العام للبيانات على الإنترنت، إذ لم تعد مجرد مادة خام متاحة للجميع، بل أصبحت مورداً اقتصادياً استراتيجياً تتنافس عليه كبرى الشركات، وفي ظل تزايد الطلب على البيانات النوعية لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن نشهد المزيد من المعارك القانونية والتنظيمية حول من يملك الحق في استخدام هذه البيانات، وكيف يمكن ضبط الوصول إليها.

ولا يخفى أن إيلون ماسك، المعروف بمواقفه المتقلبة وأفكاره الجريئة، قد يكون من أبرز المحركين لهذا التحول، لا سيما بعد استثماره في تأسيس xAI ومنافسة عمالقة هذا المجال مثل OpenAI وGoogle، ومع امتلاك "إكس" كمصدر ضخم للبيانات، فإن منع الوصول غير المصرح به يُعد خطوة استراتيجية تعزز موقعه التنافسي في هذا السباق المعقد.

وفي ظل هذا المشهد المتغير، يبدو أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون مرهوناً بقدرة الشركات على بناء نماذجها استناداً إلى بيانات تملكها أو تدفع مقابل استخدامها، ما سيؤدي إلى تغيير جذري في اقتصاد البيانات المفتوحة، وقد يفرض قيوداً جديدة على الباحثين والمطورين المستقلين الذين اعتادوا على بيئة إنترنت أكثر انفتاحاً في العقد الماضي.