فورد: الغرب أهلّ الشرع

سفير أميركي يكشف خطة غربية لتأهيل الشرع سياسياً بعد خروجه من الإرهاب

كتب بواسطة: حكيم حميد |

في تحول مفاجئ يعيد الملف السوري إلى واجهة النقاش السياسي الدولي، كشف السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد، عن تفاصيل غير مسبوقة تتعلق بدور غربي غير مباشر في "تأهيل" الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، بعد أن كان يقود أحد أكثر التنظيمات تطرفاً في المنطقة. التصريحات التي أدلى بها فورد خلال ندوة خاصة، أظهرت أن العمل على نقل الشرع من ساحة الإرهاب إلى المشهد السياسي بدأ منذ عام 2023، بتنسيق مع منظمة بريطانية غير حكومية متخصصة في حل النزاعات، شارك فيها ضمن فريق أوروبي اختير بعناية لتنفيذ هذا التحول المعقد.

فورد أوضح أن أول لقاء جمعه بالشرع كان في مارس 2023، حيث كان الأخير لا يزال يعرف باسمه السابق "أبو محمد الجولاني"، زعيم "هيئة تحرير الشام". ورغم ماضيه المرتبط بتنظيم القاعدة شمالي العراق، وصف فورد الحوار بأنه "حضاري"، وقد أعقبه لقاءان إضافيان في سبتمبر من نفس العام، ثم لقاء ثالث مطول جرى داخل القصر الجمهوري في دمشق بعد وصول الشرع إلى سدة الحكم. هذه اللقاءات، بحسب فورد، لم تكن سوى حلقة ضمن سلسلة طويلة من الجهود الغربية التي بدأت فعلياً منذ إعلان الشرع انفصاله عن تنظيم القاعدة عام 2016، في محاولة لتقديم نفسه كرجل سياسي معتدل بديل عن النظام السوري القائم آنذاك.

ومصادر إعلامية مطلعة نقلت عن مدير عام مجموعة الإعلام المستقلة، علي جمالو، أن تصريحات فورد "منطقية جداً"، مرجحاً أن الاتصالات السرية مع الشرع بدأت منذ عام 2020، أي قبل وصول فورد إلى إدلب للقاء مباشر معه. وأكد جمالو أن عملية التأهيل لم تكن نتيجة ثلاثة لقاءات فحسب، بل جاءت تتويجاً لمسار طويل تضمن لقاءات سرية مع صحفيين ومسؤولين دوليين وربما مع أجهزة استخبارات، كلها هدفت إلى إظهار الشرع كزعيم سياسي جديد يمكن التعويل عليه لإدارة مرحلة ما بعد الأسد.

وفيما أثيرت تساؤلات حول سر قيادة منظمة بريطانية لهذا التحول بدلاً من مؤسسة أميركية، أوضح جمالو أن الاعتماد على منظمات غير حكومية بريطانية كان بهدف إبعاد الشبهات السياسية عن العملية، خاصة أن التعامل مع شخصية مصنفة إرهابياً في وقت سابق يتطلب أدوات دبلوماسية غير تقليدية. وأضاف أن "البريطانيين يملكون خبرة تاريخية طويلة في التعامل مع الشخصيات الجدلية والمعقدة، وقد استخدموا في ذلك أساليب مدروسة لتلميع صورة الشرع تدريجياً في الأوساط الغربية".

واختتم جمالو حديثه بوصف الشرع بأنه "أكثر شخصية أثارت الجدل منذ الحرب السورية"، مضيفاً أن صعوده السريع من زعيم مطلوب دولياً إلى رئيس شرعي يتمتع بشعبية، يعكس تغيراً عميقاً في التعاطي الدولي مع الملف السوري، ويشير إلى أن الغرب لم يعد يبحث فقط عن سقوط الأنظمة، بل عن من يمكنه إدارتها وفق تصوراته.