OpenAI

شراكة استراتيجية أم مغامرة محسوبة؟ "OpenAI" تواصل تعاونها مع "Scale AI"

كتب بواسطة: بدور حمادي |

رغم الصفقة الكبرى التي أعلنت عنها شركة "ميتا" بالاستحواذ على حصة تبلغ 49% من شركة "Scale AI" الناشئة مقابل 14.8 مليار دولار، فإن شركة "OpenAI" لم تُبدِ أي نية في قطع التعاون مع "Scale AI"، بل أكدت استمرار علاقتها الاستراتيجية معها، مما يعكس رغبة "OpenAI" في الحفاظ على بيئة عمل ديناميكية قائمة على الشراكة المفتوحة والتكامل التقني.

والتصريح جاء على لسان سارة فراير، المديرة المالية لـ"OpenAI"، خلال مشاركتها في مؤتمر "VivaTech" في العاصمة الفرنسية باريس، كما أوردت وكالة "رويترز".
إقرأ ايضاً:ولي العهد يناقش مع ماكرون وميلوني تصاعد التوتر الإيراني الإسرائيليبعد مسح شامل.. تأكيد رسمي: المملكة بعيدة عن أي تهديد نووي!

"Scale AI" تعتبر واحدة من أكثر الشركات تأثيرًا في مجال تزويد البيانات الضخمة المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وهي شريك أساسي في تطوير تقنيات متقدمة مثل روبوت الدردشة "شات جي بي تي" التابع لـ"OpenAI".

وهذه البيانات تُمثل الوقود الأساسي الذي تعتمد عليه الشركات الكبرى في تحسين قدرات النماذج التوليدية وتوسيع نطاق استخدامها، ولهذا تكتسب الشراكة معها أهمية استراتيجية في سوق يشهد منافسة شرسة.

في تعليقها على الصفقة، أوضحت فراير أن "عمليات الاستحواذ ستستمر في هذا المجال سريع التطور"، مؤكدة أن الاستجابات الإقصائية بين اللاعبين الكبار قد تُشكل عائقًا أمام الابتكار وشددت على أهمية التعاون متعدد الأطراف، حتى بين الشركات المتنافسة، لضمان نمو النظام البيئي للذكاء الاصطناعي بشكل أكثر اتزانًا وتسارعًا، الرسالة الأساسية التي أرادت إيصالها "OpenAI" هي أن التنافس لا ينبغي أن يعني قطع خطوط الشراكة الأساسية.

هذا الموقف يُعد الأول من نوعه من قبل عميل رئيسي لدى "Scale AI"، حيث لم يسبق أن علقت أي من الشركات الكبرى على صفقة "ميتا" علنًا، بالرغم من المخاوف المحتملة حول احتكار "ميتا" لبيانات الشركة الناشئة، ومن اللافت أن الصفقة تضمنت أيضًا انضمام الرئيس التنفيذي لـ"Scale AI" إلى فريق الذكاء الاصطناعي في "ميتا"، ما يعزز من تكامل الخبرات بين الطرفين ويفتح الباب لتكهنات حول توجه "ميتا" لبناء منظومة ذكاء اصطناعي منافسة ومتكاملة.

"Scale AI"، التي تأسست في عام 2016، تقدم خدمات حيوية تتضمن تصنيف وتنظيم وتحسين البيانات لصالح نماذج الذكاء الاصطناعي، وهي خدمات أساسية لمختلف القطاعات، من الشركات التقنية العملاقة إلى المؤسسات الحكومية، وامتدت قدراتها لاحقًا لتشمل تطوير حلول ذكاء اصطناعي مخصصة، ما عزز من جاذبيتها كشريك تقني استراتيجي في السوق العالمي.

في الوقت الذي يتزايد فيه التركيز على تعزيز القدرات التنبؤية والتفاعلية لنماذج الذكاء الاصطناعي، تصبح البيانات النوعية والمتنوعة شرطًا لا غنى عنه، وهو ما تبرع فيه "Scale AI"، ومن هنا، يبدو أن "OpenAI" تدرك تمامًا أن الحفاظ على الشراكة معها، حتى بعد استحواذ "ميتا"، يُعد ضرورة استراتيجية لا يمكن التضحية بها في سبيل مواقف مبدئية تتعلق بالمنافسة.

من الناحية الاقتصادية، فإن صفقة الاستحواذ الضخمة تُظهر كيف تتسابق الشركات الكبرى لامتلاك مصادر البيانات والتحكم في أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يطرح تحديات متزايدة تتعلق بالشفافية والحوكمة، لكن من الواضح أن "OpenAI" تفضل مقاربة أكثر انفتاحًا وتعددية الأطراف، ترى فيها ضمانة للتقدم الجماعي بدلًا من سياسات الاحتكار.

وبينما تستمر "ميتا" في تعزيز حضورها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال هذه الاستثمارات، يبدو أن البيئة التنافسية لن تُعطل الشراكات العابرة للمصالح المباشرة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى البيانات والموارد الحاسوبية، ويبقى الرهان الحقيقي هو قدرة هذه الكيانات على التعايش في ظل مزيج من التعاون والتنافس، دون المساس بمبادئ الابتكار المفتوح.