البطيخ

بأكثر من 200 طن يوميًا.. القصيم وحدها تضخ كميات هائلة من البطيخ في الأسواق!

كتب بواسطة: حكيم حميد |

مع اشتداد حرارة الصيف وبلوغه ذروته، تتربع فاكهة البطيخ، أو "الحبحب" كما يطلق عليها محليًا، على عرش الفواكه الموسمية، معلنةً عن نفسها كضيف رسمي لا غنى عنه في كل منزل، ووسيلة طبيعية لمواجهة الأجواء اللاهبة والانتعاش بمذاقها الحلو والمنعش.

ففي هذه الأيام من كل عام، تتزين أسواق النفع العام والمباسط المنتشرة في كافة مدن المملكة، بأهرامات من ثمار البطيخ المحلي، التي تتدفق بكميات هائلة من المزارع، لتشهد إقبالًا ملحوظًا من المستهلكين الباحثين عن فاكهة تروي عطشهم وتمنحهم شعورًا بالبرودة.

إقرأ ايضاً:

تحذير رسمي من "مساند" .. لا تحويل للرواتب إلا عبر هذه القنوات المعتمدةالسعودية تواصل نموها السياحي بدعم من الأمن والبنية التحتية

وتشتهر مناطق سعودية عدة بإنتاجها الوفير وعالي الجودة من البطيخ، وتأتي في مقدمتها مناطق القصيم وساجر والجوف وحائل ووادي الدواسر، التي تعتبر السلة الغذائية الرئيسية لهذه الفاكهة الصيفية، وتلبي محاصيلها الطلب المتزايد في كافة أنحاء المملكة.

ولإعطاء صورة عن حجم الإنتاج المحلي، كشف مدير إدارة الأسواق والمسالخ بفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة القصيم، المهندس ثامر بن صالح الصلال، أن أسواق البطيخ في المنطقة وحدها تستقبل يوميًا ما يقارب 180 مركبة، محملة بكميات تقدر بنحو 202,500 كيلوغرام من هذه الفاكهة.

لكن القصة لا تتوقف عند الوفرة في الإنتاج، بل تمتد لتشمل ضمان جودة وسلامة هذا المنتج، حيث أكد الصلال أن فرق الوزارة الرقابية تقوم بشكل يومي بسحب عينات عشوائية من البطيخ المعروض في الأسواق، وإرسالها إلى المختبرات للكشف عن أي بقايا للمبيدات الحشرية.

ويأتي هذا الإجراء الصارم ضمن حرص الوزارة على تطبيق كافة الأنظمة والاشتراطات المعتمدة في أسواق النفع العام، وإلزام جميع الموردين باستخراج التصاريح اللازمة، لضمان وصول منتج آمن وصحي إلى مائدة المستهلك، وهو ما يعزز من ثقة الناس في المنتج المحلي.

ومن الناحية الصحية، يؤكد خبراء التغذية أن البطيخ ليس مجرد فاكهة لذيذة، بل هو كنز صحي متكامل، حيث يشكل الماء أكثر من 90% من مكوناته، مما يجعله الخيار الأمثل لترطيب الجسم وتعويض السوائل المفقودة خلال أيام الصيف الحارة.

كما يحتوي البطيخ على الألياف الغذائية والبروتينات والسكريات الطبيعية، بالإضافة إلى مجموعة من الفيتامينات والمعادن، ومضادات الأكسدة مثل "الليكوبين"، وهو المركب الذي يمنحه لونه الأحمر الزاهي، ويلعب دورًا هامًا في حماية خلايا الجسم.

لقد تحول البطيخ مع مرور الزمن من مجرد فاكهة موسمية، إلى جزء أساسي لا يتجزأ من الثقافة الغذائية والعادات الاجتماعية في المجتمع السعودي خلال فصل الصيف، فلا تكتمل التجمعات العائلية أو مناسبات نهاية الأسبوع إلا بوجود طبق من البطيخ البارد.

فصوت السكين وهو يشق قشرة البطيخ الخضراء، ليكشف عن قلبها الأحمر الزاهي، هو بمثابة إعلان عن بدء جلسة من الأنس والمحبة، حيث يجتمع أفراد الأسرة حوله، ليستمتعوا بمذاقه الذي يجمع بين الحلاوة والانتعاش.

إن الإقبال الكبير على البطيخ المحلي هو شهادة على جودته وقدرته على منافسة المنتجات المستوردة، وهو ما يعكس نجاح جهود المزارعين السعوديين، والدعم الذي تقدمه الدولة للقطاع الزراعي، بهدف تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.

وتواصل أمانات المناطق المختلفة، ومنها أمانة جدة، جهودها في دعم مثل هذه الأنشطة الصحية، من خلال إنشاء وتطوير مسارات المشي والحدائق العامة، التي تصبح وجهة للعائلات للاستمتاع بأوقاتهم، وتناول الفواكه الموسمية في أجواء صحية وممتعة.

إن هذه الدورة المتكاملة، التي تبدأ من المزرعة، وتمر عبر الأسواق المنظمة والرقابة الحكومية الصارمة، لتصل في النهاية إلى مائدة المستهلك، هي قصة نجاح للقطاع الزراعي في المملكة، وتأكيد على أن أرضنا المعطاءة قادرة على إنتاج أفضل المحاصيل.

وفي المحصلة، يبقى البطيخ هو ملك فاكهة الصيف بلا منازع، فهو ليس مجرد طعام، بل هو رمز للانتعاش، ومصدر للصحة، وجزء من ذكرياتنا الصيفية الجميلة التي تتوارثها الأجيال.