ابل

"معركة ذات أبعاد عالمية: هل تُجبر غرامة الاتحاد الأوروبي أبل على تغيير App Store في كل مكان؟"

كتب بواسطة: رولا نادر |

بدأت شركة أبل إجراءات استئناف ضد غرامة فرضها عليها الاتحاد الأوروبي بقيمة 500 مليون يورو، معتبرة أن هذه العقوبة غير مسبوقة وتمثل تجاوزًا تنظيميًا، إذ تأتي الغرامة على خلفية اتهامات للشركة بانتهاك قانون الأسواق الرقمية الأوروبي من خلال ممارسات احتكارية داخل متجر تطبيقاتها.

واعتبرت أبل أن الشروط التي فرضتها الجهات التنظيمية الأوروبية على منصة App Store تتعارض مع المبادئ القانونية، وقالت في بيان لها إن الإجراءات التي طُلبت منها تنفيذها تُعد غير مشروعة وتضر بحرية عملها في تصميم وإدارة منصتها الإلكترونية.

إقرأ ايضاً:

بإشراف أمني .. الطائف تستعيد شارعًا مهمًا بعد تعدٍ أثار غضب السكان"لم يعد الهلال وحيدًا".. صراع سعودي ثلاثي على نجم أتالانتا إيدرسون

وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت في أبريل الماضي أن شركة أبل خرقت قواعد قانون الأسواق الرقمية من خلال منع مطوري التطبيقات من توجيه المستخدمين إلى خيارات دفع خارج متجرها الرسمي، وهو ما تعتبره بروكسل سلوكًا احتكاريًا يقيّد حرية السوق.

وفي محاولة منها لتفادي عقوبات إضافية، غيّرت أبل بعض سياساتها المتعلقة بمتجر التطبيقات في أوروبا خلال شهر يونيو، وهي تعديلات جاءت استجابة لضغوط قانونية متزايدة، إلا أن هذه التغييرات لم تكن كافية لإلغاء العقوبة التي صدرت رسميًا.

وترى المفوضية الأوروبية أن السلوك الذي اتبعته أبل يخالف بشكل مباشر روح قانون الأسواق الرقمية الذي تم سنّه لكبح هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على السوق وضمان بيئة تنافسية تتيح للمطورين الوصول إلى المستخدمين بحرية.

ويُعد قانون الأسواق الرقمية أحد أبرز أدوات الاتحاد الأوروبي الجديدة لتنظيم عمل شركات التكنولوجيا العملاقة، إذ يمنح المفوضية سلطات واسعة لفرض غرامات قد تصل إلى 10% من الإيرادات السنوية العالمية لأي شركة تنتهك قواعده.

ويؤكد مسؤولون أوروبيون أن أبل تمتلك سيطرة شبه مطلقة على نظام التوزيع الرقمي للتطبيقات داخل أجهزة آيفون وآيباد، ما يضع المطورين أمام خيار وحيد للربح من تطبيقاتهم عبر نظام دفع تفرضه أبل وتقتطع منه نسبة تصل إلى 30%.

وفي المقابل، تؤكد أبل أن منظومتها مصممة لضمان الأمان والخصوصية للمستخدمين، وترى أن فتح النظام أمام خيارات دفع خارجية قد يعرض المستخدمين لمخاطر أمنية ويفقد الشركة القدرة على مراقبة جودة التجربة الرقمية داخل متجرها.

وتقول الشركة إن التعديلات التي أجرتها على سياسات App Store جاءت في إطار التزامها بالقانون الأوروبي، لكنها ترفض أن يُنظر إلى هذه التعديلات باعتبارها اعترافًا بارتكاب مخالفات، مشيرة إلى أنها تعمل ضمن بيئة قانونية معقدة وتخضع لرقابة مزدوجة في أسواق متعددة.

ويأتي هذا النزاع في ظل تصاعد المواجهة بين بروكسل وكبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، حيث ترى المفوضية أن هذه الشركات باتت تمارس نفوذًا لا يتناسب مع قواعد السوق المفتوحة، وتفرض شروطًا تجارية مجحفة على شركائها ومستخدميها.

وسبق أن واجهت أبل تحقيقات مشابهة في عدد من الدول الأوروبية، كما تخضع حاليًا لدعاوى قضائية في الولايات المتحدة تتعلق بنفس السياسات الاحتكارية المزعومة، مما يضعها أمام موجة من التحديات التنظيمية والقانونية.

ويتوقع محللون أن تمتد آثار هذا النزاع إلى شركات أخرى مثل غوغل وأمازون وميتا، حيث تخضع جميعها لمراجعات مماثلة بموجب قانون الأسواق الرقمية، وسط سعي الاتحاد الأوروبي لتثبيت قواعد أكثر صرامة في الاقتصاد الرقمي.

ورغم تأكيد أبل على التزامها بالتشريعات الأوروبية، إلا أن استعدادها لمواجهة الغرامة في ساحة القضاء يعكس تصميمها على الدفاع عن نموذج عملها، خاصة في ظل التوسع المستمر لسوق التطبيقات الرقمية الذي يشكل جزءًا أساسيًا من أرباح الشركة.

ويرى البعض أن ما يحدث يمثل نقطة تحول في علاقة أبل بالمنظمين الأوروبيين، وقد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في طريقة تشغيل App Store ليس فقط داخل أوروبا، بل ربما يمتد تأثيرها إلى أسواق عالمية أخرى تعتمد على الأطر القانونية الأوروبية كنموذج تنظيمي.

وبينما تستعد أبل لمعارك قانونية طويلة، تبقى نتائج هذه النزاعات غير محسومة، لكن المؤكد أن المشهد الرقمي العالمي سيشهد في الفترة المقبلة مزيدًا من الضغط على شركات التكنولوجيا الكبرى لتعديل ممارساتها التجارية بما ينسجم مع مبدأ المنافسة العادلة.