حقق فريق من علماء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) إنجازًا جديدًا في عالم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الروبوتية، تمثل في تطوير روبوت مساعد مختبر فائق الذكاء، قادر على التعلم والتصرف كالعلماء دون الحاجة إلى إشراف خارجي.
ويُعد هذا الابتكار خطوة متقدمة في اتجاه المختبرات الذاتية القيادة، حيث يجمع هذا الروبوت بين تقنيات التعلم الآلي المتطورة، والقدرة على اتخاذ القرارات العلمية الدقيقة بناءً على تحليل بصري ومعرفي متقدم.
إقرأ ايضاً:
"لغة المستقبل في فصولنا".. السعودية تدرج الذكاء الاصطناعي في مناهج التعليم العامبعد نوبة صحية خطيرة.. الهلال الأحمر في جازان ينقذ رضيعًا من خطر التشنجات في موقع جبلي معزوليعتمد الروبوت في عمله على خوارزميات ذكاء اصطناعي ذاتية التعلم، تمكنه من اختبار المواد الحساسة للضوء بطريقة ذكية وسريعة، معتمدًا على خاصية الموصلية الضوئية، التي تُعد من العوامل الحاسمة في تطوير تكنولوجيا الخلايا الشمسية وأجهزة الاستشعار.
وتتيح هذه الخاصية للعلماء تقييم قدرة المواد على التفاعل مع الضوء وتحويله إلى طاقة أو إشارات كهربائية، واللافت أن الروبوت يستطيع أداء هذه المهام بدقة تضاهي أداء الباحثين المتخصصين، بل ويتفوق عليهم من حيث الكفاءة والسرعة.
ومن خلال دمج المعرفة العلمية المتخصصة مع التعلم الآلي، قام الفريق البحثي بتدريب الروبوت على اختيار النقاط المثالية على المواد التي يتم فحصها، بحيث يقيس من خلالها الموصلية الضوئية بدقة متناهية.
ويتضمن هذا النظام تخطيطًا ذكيًا يسمح للروبوت بالتنقل بين النقاط المحددة بكفاءة عالية، مع تقليل الزمن والجهد اللازمين لإجراء التجارب، وتمكن الروبوت من إجراء أكثر من 125 قياسًا في الساعة الواحدة، وهو معدل يفوق الأساليب التقليدية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ما يعكس قدرته الفائقة على تسريع عمليات البحث والتطوير في مجالات الطاقة والمواد.
يبدأ الروبوت عمله بالتقاط صورة دقيقة لعينة من مادة البيروفسكايت المطبوعة، مستخدمًا تقنية الرؤية الحاسوبية المتقدمة، ثم تُقسم الصورة إلى أجزاء صغيرة، يتم تحليلها عبر شبكة عصبية تم تدريبها مسبقًا بناءً على خبرات وتجارب علماء كيمياء ومواد، هذه الشبكة تمكّن الروبوت من "التفكير" بطريقة مشابهة للخبراء البشريين، حيث يحدد بدقة المواقع المثلى للفحص اعتمادًا على شكل المادة وتركيبتها.
ولا يتوقف الذكاء في النظام عند حدود التحليل البصري فقط، بل يمتد إلى تخطيط الحركة، حيث يُحدِّد الروبوت أقصر وأسرع طريق للتنقل بين نقاط الفحص، وأظهرت الاختبارات أن إضافة عنصر من العشوائية المحسوبة إلى خوارزمية التخطيط ساعدت الروبوت في الوصول إلى مسارات أكثر كفاءة، وهو أمر أثار اهتمام الباحثين نظراً لتأثيره الكبير في الأداء العام للنظام.
من المزايا اللافتة أيضًا أن الشبكة العصبية المستخدمة في النظام لا تعتمد على بيانات مصنفة، بل تتعلم بشكل ذاتي من الصور التي تلتقطها، مما يمنح الروبوت قدرة على التكيف السريع مع أنواع مختلفة من العينات والبيئات، وقد تفوقت هذه الشبكة العصبية على سبعة نماذج ذكاء اصطناعي منافسة من حيث القدرة على تحديد نقاط القياس المثلى واختصار زمن الحوسبة.
ويعكس هذا التطور الجديد إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تسريع اكتشاف المواد، لا سيما أشباه الموصلات التي تُستخدم في إنتاج ألواح الطاقة الشمسية، ومن المتوقع أن يسهم هذا الروبوت في إحداث نقلة نوعية في تطوير الجيل القادم من تقنيات الطاقة النظيفة، بما يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة، بفضل أدوات ذكية تتعلم وتعمل بجدية العلماء دون توقف أو كلل.