شهدت سوق الأسهم السعودية اليوم تراجعًا ملحوظًا في مؤشرها الرئيس، حيث أنهى جلسة التداول منخفضًا بمقدار 24.01 نقطة، ليغلق عند مستوى 11252.90 نقطة، في حركة تداول اتسمت بالحذر والترقب من قبل المستثمرين، وسط تداولات بلغت قيمتها الإجمالية نحو 4 مليارات ريال.
ووفقًا لما ورد في النشرة الاقتصادية اليومية، فقد بلغت كمية الأسهم المتداولة أكثر من 254 مليون سهم، توزعت على مختلف القطاعات، وسط تقلبات واضحة في أداء الشركات المدرجة، حيث شهدت أسهم 98 شركة ارتفاعًا في قيمتها، فيما أغلقت أسهم 148 شركة على تراجع، في دلالة على ضعف الاتجاه الصاعد في السوق.
إقرأ ايضاً:
"طيران ناس" يفاجئ "العائلات المسافرة".. وداعاً "لتوتر المطارات".. وهذه هي التجربة الجديدةقرار مرتقب يشعل الجدل .. الاتحاد السعودي يدرس خطوة تاريخية في دوري روشنوسجلت أسهم شركات "سهل"، و"الصقر للتأمين"، و"سينومي ريتيل"، و"مرنة"، و"الاستثمار ريت"، نسب الارتفاع الأعلى خلال جلسة اليوم، إذ تراوحت النسب بين 2.75% وصولًا إلى قرابة 9.98%، ما يعكس وجود فرص انتقائية حققت مكاسب رغم تراجع المؤشر العام.
وفي المقابل، تصدّرت شركات "الزامل للصناعة"، و"الخزف السعودي"، و"أكوا باور"، و"ساكو"، و"أسواق المزرعة" قائمة الأسهم الأكثر انخفاضًا، متأثرة بعمليات بيع واسعة ربما تعود إلى عوامل داخلية تتعلق بأداء تلك الشركات أو تأثرها بعوامل خارجية ضاغطة.
أما من حيث النشاط، فقد كانت أسهم شركات "شمس"، و"باتك"، و"الكيميائية"، و"مجموعة فتيحي"، و"أمريكانا"، الأكثر تداولًا من حيث الكمية، بينما تصدرت شركات "سينومي ريتيل"، و"أكوا باور"، و"الكيميائية"، و"الراجحي"، و"أرامكو السعودية" قائمة الشركات الأكثر نشاطًا من حيث قيمة التداول، وهو ما يشير إلى تركز السيولة في عدد محدود من الشركات ذات الثقل الاستثماري.
كما تأثر مؤشر السوق الموازي (نمو) بانخفاض مماثل، حيث أنهى الجلسة متراجعًا بمقدار 41.88 نقطة ليغلق عند مستوى 27437.62 نقطة، وسط تداولات بلغت قيمتها نحو 30 مليون ريال، وبكمية أسهم تجاوزت مليوني سهم، ما يعكس استمرار الحذر في أسواق النمو كذلك.
ويأتي هذا التراجع في سياق سلسلة من التحركات المتذبذبة التي شهدتها السوق خلال الأسابيع الماضية، وسط مؤشرات متضاربة من الأسواق العالمية، وضبابية في الرؤية الاقتصادية الإقليمية والدولية، ما يدفع كثيرًا من المستثمرين إلى تبني استراتيجية أكثر تحفظًا في قراراتهم الاستثمارية.
ويرى محللون أن الأداء العام للسوق لا يزال مرتبطًا بتوقعات نتائج الشركات للربع الثاني من العام، والتي من المرتقب صدورها خلال الأسابيع المقبلة، مشيرين إلى أن حالة الترقب هذه تخلق ضغطًا إضافيًا على السوق، وتؤدي إلى ارتفاع وتيرة جني الأرباح والابتعاد عن المخاطر المؤقتة.
ويعزي بعض المتعاملين في السوق هذه التذبذبات إلى عوامل موسمية، تتعلق بفترة الإجازات الصيفية وتراجع معدلات السيولة، إضافة إلى التحركات الاحترازية التي تتخذها المحافظ الاستثمارية قبيل إعلان بيانات مالية مؤثرة، سواء محليًا أو عالميًا، بما في ذلك قرارات البنوك المركزية الكبرى.
كما تلعب أسعار النفط دورًا أساسيًا في توجهات السوق السعودي، نظرًا للارتباط الوثيق بين أداء الاقتصاد المحلي وأسعار الطاقة، حيث تساهم أي تقلبات حادة في أسعار الخام في تحفيز أو إضعاف ثقة المستثمرين، خاصة في القطاعات المرتبطة بالطاقة والصناعة.
ورغم التراجع المسجل اليوم، يرى مختصون أن السوق لا يزال يحتفظ بأساسيات قوية على المدى المتوسط والطويل، خاصة في ظل استقرار السياسات الاقتصادية الكلية للمملكة، والمضي قدمًا في مشاريع التحول الوطني، والتي تشكل داعمًا رئيسًا للنمو في القطاعات غير النفطية.
ويؤكد مراقبون أن المستثمرين الأفراد هم الأكثر تأثرًا بهذه التحركات اليومية، بينما تميل المؤسسات إلى الاستفادة من التراجعات لتجميع الأسهم ذات العوائد المرتفعة على المدى الطويل، في إطار استراتيجيات مدروسة لا تتأثر كثيرًا بالتذبذبات اللحظية.
وفي المقابل، يدعو بعض الخبراء إلى تعزيز الوعي الاستثماري لدى المتعاملين في السوق، خصوصًا من صغار المستثمرين، والتأكيد على أهمية بناء محافظ متوازنة مبنية على التحليل الأساسي، وليس فقط على المضاربات اللحظية، التي تُعد عاملًا رئيسيًا في رفع حدة التذبذب في المؤشرات.
ويشير الأداء الحالي إلى استمرار حالة الترقب، مع إمكانية تسجيل تحركات أقوى خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع الإعلان عن نتائج الشركات، والتي ستشكل اختبارًا حقيقيًا لمتانة الاقتصاد السعودي، وقدرته على مواصلة النمو في ظل الظروف الإقليمية والعالمية المتغيرة.
وفي ضوء ذلك، تظل الأنظار متجهة إلى أداء الشركات الكبرى، وعلى رأسها "أرامكو السعودية"، و"الراجحي"، و"سابك"، كونها تُعد من أكثر الأسهم تأثيرًا في تحريك المؤشر العام، وتلعب دورًا رئيسًا في تحديد الاتجاهات العامة للسوق.
ومع ختام جلسة اليوم، تعود التساؤلات حول مدى قدرة السوق على التماسك أمام الضغوط القصيرة الأجل، في ظل التحولات السريعة على الساحة الاقتصادية، واستمرار ارتفاع معدلات التذبذب، التي تتطلب حذرًا أكبر من المستثمرين ومراقبة دقيقة للمتغيرات المؤثرة.