أطلقت الإدارة العامة للمرور في السعودية تنبيهًا جديدًا شددت فيه على أهمية التركيز الكامل أثناء القيادة، مؤكدة أن الانتباه الذهني للسائق يلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على السلامة المرورية والحد من الحوادث على الطرق، وجاء هذا التحذير في سياق حملة توعوية تهدف إلى تعزيز ثقافة القيادة الآمنة.
وأكدت الإدارة في منشور توعوي عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس" أن الانشغال لثوانٍ معدودة عن الطريق كفيل بأن يؤدي إلى انحراف المركبة عن المسار، مما يعكس مدى خطورة التشتت أثناء القيادة، حتى لو بدا بسيطًا أو لحظيًا، لأن السرعة وحركة المركبات لا تتيح هامش خطأ كبير.
إقرأ ايضاً:
وزير الطاقة: أزمة عالمية.. مليارا إنسان يطبخون بوقود غير آمن حول العالمكيف تخفف خدمة النقل الجديدة معاناة مرضى الرعاية المنزلية؟وتسعى الإدارة من خلال هذه الحملات الإعلامية إلى رفع مستوى الوعي لدى السائقين، خصوصًا في ظل ازدياد حوادث الطرق المرتبطة بعدم التركيز، والتي تتسبب سنويًا في إصابات وخسائر بشرية ومادية جسيمة، ما يجعلها من أبرز التحديات التي تواجه أجهزة المرور في مختلف مناطق المملكة.
وتُظهر الإحصائيات الحديثة أن الانشغال أثناء القيادة، سواء باستخدام الهاتف المحمول أو الانشغال بمؤثرات أخرى داخل السيارة، يعد من الأسباب الرئيسية للحوادث، لذلك تحرص الجهات المعنية على تكرار الرسائل التحذيرية وإيصالها بطرق مباشرة وواضحة للحد من هذه السلوكيات.
والتحذير الأخير يعكس حرص الإدارة على حماية الأرواح والممتلكات، إذ دعت السائقين إلى الالتزام التام بالتركيز أثناء القيادة، وعدم السماح لأي عوامل جانبية بأن تُشتت الانتباه، لأن لحظة واحدة من الغفلة قد تؤدي إلى حوادث لا تُحمد عقباها، خاصة في الطرق السريعة والمزدحمة.
وتهدف إدارة المرور من خلال هذا الإنفوجراف إلى توصيل رسالة مباشرة وسهلة الفهم لكل شرائح السائقين، لا سيما فئة الشباب التي تُعد من الفئات الأكثر عرضة للمخالفات المتعلقة باستخدام الجوال أو التفاعل مع الأجهزة الذكية أثناء القيادة، ما يزيد من احتمالية التعرض للحوادث.
وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية شاملة تتبعها الإدارة منذ سنوات، تتضمن حملات دورية وموسمية، بالإضافة إلى فرض عقوبات صارمة على المخالفين، بهدف الحد من التجاوزات المرورية التي تُهدد السلامة العامة، وتعزيز السلوكيات الصحيحة في ثقافة القيادة.
ومن الملاحظ أن التقدم في تقنيات السيارات الحديثة، رغم ما يوفره من رفاهية وذكاء صناعي، أتاح في المقابل مزيدًا من الوسائل التي قد تُشتت السائق، مثل شاشات التحكم، وأنظمة الترفيه، والاتصال المباشر بالهاتف، مما يستوجب وعيًا مضاعفًا لدى قائدي المركبات.
كما ساهم الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في خلق بيئة تُغري البعض بتصفح الهاتف أو الرد على الرسائل أثناء القيادة، رغم التحذيرات المتكررة والمخاطر الكبيرة، ما جعل هذه الظاهرة محور اهتمام دائم من قبل الجهات الأمنية والرقابية على الطرق.
وتعتمد إدارة المرور على مزيج من التوعية والرقابة الميدانية في معالجة هذه الظواهر، حيث تعمل فرق المرور على رصد المخالفات المتعلقة بعدم التركيز، وتطبيق الأنظمة بحق المخالفين، إضافة إلى استخدام الكاميرات الذكية في مراقبة السلوكيات المرورية داخل المدن وعلى الطرق السريعة.
وفي هذا السياق، تعمل الإدارة أيضًا على تعزيز مفهوم القيادة الدفاعية، والتي تعتمد على توقع المخاطر والتهيؤ لها، وتُعد من المهارات التي تتطلب وعيًا عاليًا وانتباهًا مستمرًا من السائق، وهو ما يتطلب برامج تدريبية وتثقيفية مستمرة، خصوصًا لقائدي المركبات الجدد.
وتحظى مثل هذه الحملات بتفاعل لافت من المواطنين والمقيمين، حيث عبّر كثيرون عبر المنصات الاجتماعية عن تأييدهم للجهود المبذولة في مجال التوعية المرورية، مطالبين في الوقت ذاته بتكثيف الرقابة وتغليظ العقوبات على من يُعرض حياته وحياة الآخرين للخطر بسبب قلة التركيز.
ويشير متخصصون في السلامة المرورية إلى أن خطر التشتت لا يقتصر فقط على استخدام الهاتف، بل يشمل أي نشاط يُبعد تركيز السائق عن الطريق، مثل الأكل، أو التفاعل مع الركاب، أو حتى التفكير العميق في أمور شخصية، وهي عناصر غالبًا ما تكون خفية ولكنها شديدة التأثير.
ويؤكد الخبراء أن ثواني الانشغال تكفي لحدوث كارثة، خاصة إذا كان السائق يقود بسرعة عالية، إذ قد لا يتمكن من اتخاذ قرار سريع لتفادي مفاجأة على الطريق، مشددين على أن القيادة مسؤولية يجب أن تُمارس بتركيز تام من لحظة الانطلاق وحتى التوقف النهائي.
ويتوافق هذا التوجه مع أهداف رؤية السعودية 2030 في ما يتعلق بتعزيز جودة الحياة، وخفض معدلات الحوادث المرورية، حيث تُعد السلامة على الطرق من مؤشرات التحضر التي تسعى المملكة لتحسينها ضمن استراتيجيات تطوير البنية التحتية والسلامة العامة.
ومن المتوقع أن تستمر الإدارة العامة للمرور في تكثيف جهودها خلال الفترة القادمة، من خلال التعاون مع المؤسسات التعليمية والجهات الإعلامية، لنشر ثقافة القيادة الآمنة بين جميع أفراد المجتمع، وتحقيق بيئة مرورية أكثر أمانًا لكافة مستخدمي الطرق.
كما أن هذا التحذير يأتي في توقيت يشهد كثافة مرورية مرتفعة على الطرق، سواء بسبب موسم الصيف أو الإجازات المدرسية، ما يرفع من أهمية التوعية والتركيز، ويجعل الرسائل التوعوية أكثر أهمية في ظل تسارع الأحداث على الطرق.