في خطوة تنظيمية جديدة تهدف إلى تعزيز كفاءة قطاع المياه في المملكة، كشفت الهيئة السعودية للمياه عن مسودة قواعد وإجراءات نظام رخص المياه، التي تمثل الإطار التنظيمي المعتمد للأنشطة المرتبطة بإنتاج ونقل وتوزيع المياه، وكذلك خدمات الصرف الصحي، وتضمنت المسودة تفاصيل دقيقة حول الأنشطة التي تتطلب الحصول على رخص مسبقة من الهيئة، بما في ذلك أنشطة إنتاج المياه المحلاة والمنقاة، والمتاجرة بها، وتجميع ونقل ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتوزيع المياه المعالجة، بالإضافة إلى نشاط إنتاج المياه من المحطات المصغرة المخصصة للاستخدامات المحلية.
وتلزم المسودة الجديدة جميع الجهات الراغبة في ممارسة هذه الأنشطة بالحصول على ترخيص أو تصريح مسبق قبل البدء بأي أعمال تحضيرية، وذلك لضمان توافق المشاريع مع الخطط الوطنية لإدارة الموارد المائية، ويعد هذا التوجه خطوة تنظيمية مهمة للحد من العشوائية وضمان التكامل بين المشاريع الجديدة والخطط الاستراتيجية للقطاع، في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بالطلب على المياه وجودتها في المملكة.
وحددت الهيئة آلية إصدار التراخيص، مشيرة إلى إمكانية منح رخص مؤقتة في الحالات التي تستدعي الإسراع في بدء النشاط، رغم عدم استيفاء جميع المتطلبات النظامية، وتشترط الهيئة في هذه الحالة أن يلتزم المرخص له باستكمال النواقص خلال مدة زمنية تحددها، مما يعكس مرونة الهيئة في تسيير العمليات دون الإخلال بالضوابط الفنية والتنظيمية، وبما يحقق توازناً بين التشجيع على الاستثمار والالتزام بالمعايير.
وفي سياق التنظيمات، أوضحت الهيئة أن هناك استثناءات محددة من شرط الحصول على الرخصة، من أبرزها أن يكون إنتاج المياه يتم بواسطة أجهزة مخصصة للاستخدام الذاتي فقط، وألا تتجاوز كمية المياه المنتجة 100 متر مكعب يومياً، هذه الاستثناءات تهدف إلى تسهيل الإجراءات على الأفراد والمنشآت الصغيرة التي لا تشكل عبئاً كبيراً على شبكات المياه الوطنية، في مقابل تشديد الرقابة على المشاريع الكبيرة التي تؤثر بشكل مباشر في البنية التحتية وإمدادات المياه.
كما تفتح المسودة المجال أمام الهيئة لإعفاء بعض أنشطة تقديم الخدمة من شروط ومتطلبات الرخصة في حالات استثنائية، ويشمل ذلك الحالات التي تكون فيها الخدمة مؤقتة ولا تكفي لتغطية التكاليف، أو في المناطق التي يعزف المستثمرون عن خدمتها لأسباب اقتصادية أو تنظيمية أو أمنية، هذا التوجه يهدف إلى ضمان استمرارية الخدمة في المناطق الأقل جذباً للاستثمار، وتحفيز دخول القطاع الخاص عبر تسهيلات استثنائية مدروسة.
وأكدت الهيئة في المسودة أنها تحتفظ بحقها في طلب أي معلومات أو مستندات إضافية خلال دراسة طلب الترخيص، وأن عدم استجابة مقدم الطلب خلال 30 يوماً من تاريخ الإشعار يؤدي إلى تعليق الطلب، وفي حال استمر التعليق دون تفعيل لمدة 180 يوماً، يتم إلغاء الطلب نهائياً، ما لم يقدم صاحب الطلب مبررات مقبولة، وبهذه الإجراءات، تسعى الهيئة إلى ضبط عملية الترخيص وضمان الجدية من قبل مقدمي الطلبات.
وتشدد المسودة على ضرورة الالتزام بالشروط والضوابط المنصوص عليها طوال فترة صلاحية الرخصة، والتي تستمر ما لم تُلغَ أو تنتهِ مدتها، وتلزم الجهات المرخصة بتقديم طلب تجديد الرخصة ضمن المدة المحددة ووفق الإجراءات التنظيمية المنصوص عليها في المادة 82 من اللائحة التنفيذية، مما يعزز استمرارية الامتثال ويقلل من المخاطر التشغيلية.
وتتيح المسودة لأي شخص يتضرر من قرارات الهيئة تقديم طلب لإعادة النظر في القرار خلال 60 يوماً من تاريخ الإبلاغ به، مما يمنح الأطراف المتأثرة فرصة قانونية للطعن الإداري، ويعزز من مبادئ الشفافية والعدالة في التعاملات التنظيمية، وتعد هذه الخطوة من مظاهر الحوكمة الرشيدة التي تنتهجها الهيئة لضمان توازن العلاقة بينها وبين الأطراف العاملة في قطاع المياه والصرف الصحي.