سجلت أسواق النفط العالمية اليوم الإثنين ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار بنسبة تقارب 3%، وذلك عقب إعلان تحالف أوبك+ الإبقاء على مستويات الإنتاج دون تغيير خلال شهر يوليو المقبل، وهو القرار الذي جاء مطابقًا لما تم العمل به خلال شهري مايو ويونيو، هذه الخطوة عززت من ثقة المستثمرين في استقرار سوق الطاقة، كما رفعت من توقعات التعافي في الطلب العالمي على الخام، خصوصًا مع اقتراب موسم السفر الصيفي في العديد من الدول الكبرى.
القرار الذي صدر عن أوبك+، والذي يضم مجموعة من الدول المصدرة للنفط بقيادة السعودية وروسيا، يشير إلى استمرار نهج الحذر في التعامل مع الأسواق، في ظل تقلبات الطلب العالمية والضغوط الجيوسياسية التي تلقي بظلالها على حركة الأسواق المالية بشكل عام، ويُفهم من هذا التوجه أن التحالف يفضل الحفاظ على استقرار الأسعار بدلاً من المغامرة برفع الإنتاج في ظل توقعات غير مستقرة لنمو الطلب.
إقرأ ايضاً:غوغل وميتا تُنهيان دعم يوتيوب وواتساب على آيفون القديممن الحرم إلى غرفة العمليات.. سباق الزمن لإنقاذ حاج
وفي هذا السياق، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت، وهو المعيار العالمي لتسعير النفط، بنحو 1.74 دولار، أي بنسبة 2.77%، ليصل إلى 64.52 دولارًا للبرميل، وذلك بحلول الساعة 08:27 صباحًا بتوقيت غرينتش، وفق ما أوردته وكالة "رويترز"، ويمثل هذا الارتفاع دفعة قوية للأسواق، ويعكس ارتياح المتعاملين لقرار أوبك+ الذي اعتُبر في مجمله خطوة داعمة لتوازن السوق على المدى القصير.
وفي المقابل، شهد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي، وهو المؤشر الرئيسي لأسعار النفط في الولايات المتحدة، ارتفاعًا أكبر نسبيًا بنسبة 3.19%، أي ما يعادل 1.94 دولار، ليصل إلى 62.73 دولارًا للبرميل، ويأتي هذا الارتفاع في وقت تستعد فيه المصافي الأميركية لزيادة الإنتاج مع بدء موسم القيادة الصيفي، مما يزيد من الطلب المحلي على النفط الخام.
وتعكس هذه التحركات في الأسعار حالة من التفاؤل في أسواق الطاقة بعد فترة من التذبذب نتيجة التوترات الاقتصادية العالمية، ومنها تباطؤ الاقتصاد الصيني ومخاوف من تأثيرات السياسات النقدية المشددة التي تتبعها بعض البنوك المركزية الكبرى، إلا أن قرار أوبك+ بدا وكأنه محاولة لإرسال رسالة طمأنة إلى الأسواق بأن التحالف لا يزال مستعدًا للتدخل حين تقتضي الحاجة، حفاظًا على مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
ورغم أن مستويات الأسعار الحالية لا تزال أدنى من ذروتها خلال فترات الذروة في السنوات الماضية، فإن استقرارها النسبي في نطاق الستينات يعطي انطباعًا بأن السوق وجدت توازنًا مؤقتًا بين العرض والطلب، مع استمرار المراقبة الدقيقة للمتغيرات القادمة، خصوصًا فيما يتعلق بتطورات الملف النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على صادرات الطاقة الروسية.
وفي ظل هذه المستجدات، يترقب المستثمرون والمحللون ما ستؤول إليه نتائج السياسات الاقتصادية حول العالم، خاصة مع تصاعد التوترات التجارية بين بعض الدول، وعودة الحديث عن ضعف سلاسل التوريد العالمية، وتلعب هذه العوامل دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل أسعار الطاقة في النصف الثاني من العام، حيث تُعد مرونة الطلب أحد أبرز المؤثرات على السوق، إلى جانب قرارات كبار المنتجين.
الارتفاع الحالي قد لا يكون الأخير، خاصة إذا ما واصلت مؤشرات الطلب العالمي الارتفاع، أو إذا حدثت تطورات غير متوقعة على الصعيد الجيوسياسي، ومن جهة أخرى، يبقى موقف أوبك+ عاملًا حاسمًا في تشكيل خارطة الأسعار، إذ يعتمد التحالف على آلية مراقبة دقيقة واتخاذ قرارات شهرية تعكس توازنًا دقيقًا بين دعم الأسعار والحفاظ على حصة السوق في مواجهة منافسين من خارج التحالف.