مايكروسوفت

التحديثات مستمرة رغم حذف المتجر: مايكروسوفت تغيّر قواعد اللعبة

كتب بواسطة: ليلى حمادة |

استجابت شركة "مايكروسوفت" الأمريكية أخيراً للضغوط الأوروبية وأعلنت عن سلسلة من التغييرات الجذرية في نظام تشغيل "ويندوز" ومتجر التطبيقات الخاص بها، وذلك التزاماً بقانون الأسواق الرقمية الأوروبي، وتأتي هذه الخطوة استجابة لتصاعد الانتقادات الأوروبية بشأن ممارسات تُوصف بأنها تقوّض حرية المستخدمين في اختيار البرامج والخدمات التي يفضلونها، وخصوصاً ما يتعلق بفرض متصفح "مايكروسوفت إيدج" ومنتجات الشركة الأخرى على مستخدمي النظام.

وصرّحت الشركة بأنها ستتوقف عن مطالبة المستخدمين في الاتحاد الأوروبي بشكل متكرر بتعيين متصفح "إيدج" كخيار افتراضي، وهو إجراء طالما وصفه المستخدمون بأنه "مزعج" وينتهك حريتهم الرقمية، كما سيتمكن المستخدمون من إلغاء تثبيت متجر "مايكروسوفت" نفسه دون أن يتأثر ذلك بتحديث التطبيقات المثبتة مسبقاً، في تحوّل غير مسبوق في سياسة الشركة تجاه المستخدمين الأوروبيين.
إقرأ ايضاً:زلزال في سوق الانتقالات انهيار مفاجئ لمفاوضات الهلال مع ثيو هيرنانديز!يوم النحر يشهد انطلاقة "أضاحي" منظومة متكاملة لتيسير نسك الحجاج!

يُذكر أن المفوضية الأوروبية صنّفت نظام ويندوز كبوابة رئيسية إلى سوق الخدمات الرقمية في عام 2023، وهو ما جعله خاضعاً لأحكام قانون الأسواق الرقمية الذي يفرض التزامات صارمة على عمالقة التكنولوجيا لضمان العدالة والتنافسية في السوق، ومنذ ذلك الإعلان، بدأت مايكروسوفت في تنفيذ تغييرات تدريجية ضمن بنيتها البرمجية، بالتعاون مع شركائها الصناعيين والسلطات التنظيمية في المنطقة.

وفي عام 2024، سمحت مايكروسوفت لمستخدميها داخل دول الاتحاد الأوروبي بإلغاء تثبيت متصفح "إيدج" ومحرك البحث "بينج"، بالإضافة إلى تمكين تطبيقات ويب من شركات خارجية للعمل مباشرة ضمن شريط مهام البحث في ويندوز، كما أطلقت تحديثات تتيح عرض موجزات الأخبار من جهات متعددة، بدلًا من حصرها في مصادر تابعة لها، ما يشير إلى بداية عهد جديد من الانفتاح الرقمي واحترام خيارات المستخدمين.

ولم تكتف الشركة بهذه التعديلات، بل أوقفت أيضاً سياسة تسجيل دخول المستخدمين تلقائيًا إلى بعض خدماتها، مما يُعزز من الخصوصية والتحكم في البيانات الشخصية، وهي من النقاط الحساسة التي كانت محور جدل طويل بين شركات التكنولوجيا والهيئات الأوروبية.

وأبرز ما جاء في هذه الحزمة من التعديلات، إعلان مايكروسوفت أنها ستسمح للمستخدمين - وللمرة الأولى - بإلغاء تثبيت متجر "مايكروسوفت" بالكامل، ورغم أن المتجر يعتبر من الأدوات الجوهرية في النظام، فإن التحديثات الخاصة بالتطبيقات التي تم تحميلها من خلاله ستظل مستمرة، وهو ما يُمثل نقلة نوعية في فلسفة تصميم النظام، ويتيح للمستخدمين قدرًا أكبر من المرونة، ومن المقرر أن يتم تفعيل هذا الخيار في وقت لاحق من هذا العام على أنظمة ويندوز 10 و11 داخل الاتحاد الأوروبي.

وتعهدت الشركة كذلك بأنه بدءًا من الشهر الجاري، فإن أي محتوى يتم البحث عنه باستخدام محرك "بينج" سيفتح في المتصفح الافتراضي الذي يختاره المستخدم، وليس بالضرورة في "إيدج"، كما أنه في حال حذف "مايكروسوفت إيدج"، فلن تعود تطبيقات النظام الأخرى إلى مطالبته المستخدمين بإعادة تثبيته، في محاولة صريحة لإزالة ما يُشبه الاحتكار البرمجي الذي كانت تمارسه الشركة سابقاً.

وتأتي هذه الخطوة في سياق أوسع من التحولات التي تشهدها السوق الأوروبية بعد فرض قوانين أكثر صرامة على عمالقة التكنولوجيا، فقبل أسابيع، كانت "آبل" و"ميتا" (فيسبوك سابقاً) من أوائل الشركات التي تعرضت لغرامات باهظة بسبب خرقها لقوانين التسويق المباشر، مما جعل كثيراً من الشركات تُعيد حساباتها في سياسات الامتثال، وعلى الرغم من أن المفوضية الأوروبية أغلقت مؤخراً تحقيقًا ضد آبل بعد استجابتها لتعديل واجهة اختيار المتصفح في هواتف آيفون، إلا أن الرسالة كانت واضحة: لم يعد هناك مجال للالتفاف على القوانين الجديدة.

وتُعد هذه التطورات إنجازاً للمستخدم الأوروبي، الذي ظل طويلاً يعاني من ممارسات الشركات الكبرى التي تحاول فرض تطبيقاتها وخدماتها بالقوة، ومع هذه التغييرات، تُثبت القوانين الأوروبية فاعليتها في إعادة التوازن إلى سوق التكنولوجيا، وتُرسي سابقة قد تتبعها تشريعات مماثلة في مناطق أخرى من العالم.