موسم التويبع

طباخ اللون قادم.. التويبع يشعل أقسى أيام السنة بدءًا من الجمعة!

كتب بواسطة: بدور حمادي |

يترقّب المهتمون بشؤون الطقس والمناخ في المملكة العربية السعودية دخول موسم جديد مع يوم الجمعة القادم، حيث كشف الباحث في الطقس والمناخ عبدالعزيز الحصيني أن هذا اليوم سيصادف بداية موسم "التويبع"، وهو أحد أبرز نجوم فصل الصيف، وتحديدًا النجم الثاني في هذه السلسلة الفلكية المتتابعة.

ويُعرف هذا الموسم بظهور نجم الدبران، ويمتد على مدار 13 يومًا، ليشكل مرحلة مناخية فاصلة تتسم بالحرارة الشديدة والتغيرات البيئية المتسارعة.
إقرأ ايضاً:بصحة أفضل ورؤية 2023 .. السعودية تقود الوعي الغذائي بإلزام المطاعم بكشف كل التفاصيللحظات فارقة تنقذ سبعيني من الموت.. خلل في جهاز القلب واستجابة عاجلة تغيّر المصير!

ويُعد موسم التويبع من العلامات الفلكية الدقيقة التي يعتمد عليها المزارعون والسكان في تحديد التحولات المناخية، حيث تبدأ فيه الغدران بالجفاف، وتُرصد تغيرات في لون النباتات والثمار، مما أكسبه لقبًا محليًا شائعًا وهو "طباخ اللون".

هذا التعبير الشعبي لا يعكس فقط ما يحدث للنباتات من تغير لوني بسبب الحرارة، بل يشير أيضًا إلى شدة أشعة الشمس خلال هذه الفترة من العام، والتي تصل إلى مستويات عالية، تجعل من المناخ حارقًا في كثير من مناطق المملكة.

ويتميّز هذا الموسم بخصوصيته الزمنية والفلكية، إذ يتزامن مع أطول نهار وأقصر ليل في السنة، وهو ما يُعد مؤشرًا على ذروة فصل الصيف من الناحية الفلكية، فمع دخول التويبع، تبدأ حركة الليل والنهار في التغيّر، حيث يبدأ الليل بالازدياد تدريجيًا بعد أن كان في تناقص مستمر.

هذا التحول يضفي على الموسم طابعًا انتقاليًا بين أقصى الامتدادات النهارية إلى بداية توازن زمني جديد بين الليل والنهار.

ونظرًا للظروف المناخية القاسية التي ترافق موسم التويبع، أشار الحصيني إلى أهمية اتباع نمط غذائي ملائم، مشيرًا إلى أن هذه الفترة تُستحب فيها الأطعمة الباردة والرطبة، مثل الخضروات والبقول، التي تساهم في تبريد الجسم ومساعدته على التكيّف مع درجات الحرارة المرتفعة، ويُعتبر هذا الجانب جزءًا من الإرث الشعبي الذي تناقلته الأجيال في تعاملها مع الفصول القاسية.

وعلى الرغم من أن التويبع يُعد موسمًا سنويًا معروفًا في التقويم المناخي المحلي، إلا أن شدة تأثيره تختلف من عام لآخر، بحسب وجود أو غياب موجات الحر، فبحسب الحصيني، فإن مصاحبة هذا الموسم لموجات حر شديدة يزيد من قسوته، ويجعله من أكثر الفترات حرارة في العام، لا سيما في المناطق الوسطى والشرقية من المملكة، التي تتأثر عادةً بارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة خلال هذه الفترات.

ولا يتوقف تأثير موسم التويبع على الجوانب الحرارية فقط، بل يمتد ليشمل تأثيرات بيئية واقتصادية، إذ يُرصد فيه تسارع نضج بعض المحاصيل الزراعية، وانخفاض منسوب المياه السطحية، ما يستدعي استعدادًا خاصًا من المزارعين وسكان المناطق الريفية لمواجهة تداعيات الحرارة العالية، كما يشكل الموسم تحديًا إضافيًا لقطاعات الطاقة والمياه، نظرًا لارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء في التبريد وزيادة الطلب على المياه.

وتجدر الإشارة إلى أن المعرفة بمواسم مثل "التويبع" تعكس جزءًا مهمًا من الموروث الفلكي والمناخي في الجزيرة العربية، الذي اعتمد عليه السكان منذ القدم في تنظيم أنشطتهم الزراعية والرعوية، وبالرغم من التقدم التقني في علم الأرصاد، لا يزال هذا الإرث حيًا في الذاكرة الشعبية، حيث يُستدل به في توقعات الطقس، وتنظيم الحياة اليومية، وحتى في أمثال الناس ومروياتهم.

ويأتي التنويه بدخول موسم التويبع كتذكير بأهمية التأقلم مع التحولات المناخية والتعامل الذكي معها، خاصةً في ظل التغيرات المناخية العالمية، التي تزيد من حدة المواسم وتُغير في بعض خصائصها، لذا فإن فهم هذه الظواهر المحلية لا يُعد رفاهية ثقافية، بل ضرورة معرفية تعزز من قدرة الإنسان على التكيّف، وتُحافظ على توازنه البيئي والصحي في بيئة شديدة التحديات.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار