في مشهد يعكس تحوّلًا مهمًا في بنية سوق العمل السعودي، كشفت نشرة سوق العمل للربع الأول من عام 2025 عن مؤشرات إيجابية على أكثر من صعيد، أبرزها تحقيق السعوديين والسعوديات لأرقام غير مسبوقة في التوظيف، ما يُعد إنجازًا تاريخيًا يؤكد متانة الخطط الاقتصادية ونجاح المبادرات التنموية في المملكة.
فقد انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 6.3%، وهو أدنى مستوى تاريخي تسجله المملكة، ما يُعد شاهدًا ملموسًا على التحسن المتواصل في البيئة الاقتصادية.
إقرأ ايضاً:أكثر من 32 ألف جولة تفتيشية على مساجد المدينة خلال الربع الأخيرالأرصاد السعودية تحذر .. عاصفة غبار شديدة تضرب المملكة لأسبوع كامل
الهيئة العامة للإحصاء أوضحت في بيانها أن المعدل الإجمالي للبطالة في المملكة، شاملاً السعوديين وغير السعوديين، بلغ 2.8%، بينما بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة 68.2%، ما يشير إلى ديناميكية ملحوظة في السوق وانخراط أكبر في النشاطات الاقتصادية.
أما فيما يخص المواطنين فقط، فقد ارتفع معدل مشاركتهم إلى 51.3% مقارنة بالربع الأخير من عام 2024، ما يعكس تطورًا واضحًا في استيعاب الكفاءات الوطنية.
ولم يكن الحضور الذكوري وحده من تصدر المشهد؛ إذ شهدت مشاركة السعوديات قفزة نوعية مدعومة بمبادرات تمكين المرأة التي أثمرت عن تعزيز موقعها الاقتصادي. ووفقًا للبيانات.
فقد ارتفع معدل مشاركة السعوديات في القوى العاملة إلى 36.3%، فيما انخفض معدل البطالة بينهن إلى 10.5%، ما يدل على نجاح استراتيجيات المملكة في تعزيز المساواة الاقتصادية، وإتاحة فرص أوسع للنساء للإسهام في التنمية المستدامة.
أما فيما يتعلق بالشباب السعودي، فقد سجلت الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة تحسنًا ملحوظًا، إذ ارتفع معدل المشتغلات من الإناث إلى 14.6%، فيما بلغت مشاركتهن في القوى العاملة 18.4%.
وعلى الجانب الآخر، شهد الذكور انخفاضًا في معدلات البطالة حيث وصلت إلى 11.6%، مع تراجع في نسبة مشاركتهم إلى 33%، ويعزى ذلك إلى التغيّرات المتسارعة في سوق العمل، واعتماد أساليب أكثر مرونة في التوظيف والتدريب.
وفيما يخص الفئة العمرية من 25 إلى 54 عامًا، فقد أظهرت النشرة أن معدل المشتغلين إلى السكان ارتفع إلى 65.9%، كما ارتفعت المشاركة في القوى العاملة إلى 69.6%، وهو ما يشير إلى أن هذه الشريحة تمثل العمود الفقري للحراك الاقتصادي الوطني.
وانخفض معدل البطالة ضمن هذه الفئة إلى 5.4%، ما يعكس فعالية البرامج الموجهة إلى تطوير مهارات القوى العاملة وزيادة معدلات التشغيل.
وفي مقابل ذلك، شهدت الفئة العمرية من 55 عامًا فأكثر انخفاضًا في معدل البطالة ومعدل المشاركة في القوى العاملة مقارنة بالربع الأخير من عام 2024، الأمر الذي يُظهر تأثيرًا محدودًا لتلك الفئة في سوق العمل النشط، لكنها تبقى شريحة ذات قيمة تراكمية من الخبرة والاستقرار الوظيفي.
وأبرزت النشرة نقطة محورية تتمثل في اعتماد الباحثين عن العمل بشكل كبير على الأساليب الحديثة، حيث كان التقدم المباشر إلى أصحاب العمل الخيار الأكثر استخدامًا بنسبة 75.8%، يليه استخدام منصة "جدارات" بنسبة 74.6%، ثم تحديث ونشر السير الذاتية عبر منصات التواصل الاجتماعي المهنية بنسبة 64.5%، وهو ما يؤكد التوجه العام نحو الرقمنة والمرونة في الوصول إلى الفرص الوظيفية.
يأتي هذا التحسن اللافت في سياق السياسات الاقتصادية الرشيدة التي تنتهجها المملكة، في ظل رؤية 2030، والتي تستهدف خفض معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها، وتمكين الشباب والنساء، وتحقيق تنوع اقتصادي حقيقي.
ومع تزايد ثقة المستثمرين في البيئة السعودية، يبدو أن سوق العمل المحلي يسير بثبات نحو تحقيق المزيد من المكاسب النوعية والتنموية.