في خطوة استراتيجية تؤكد التوجه الجاد نحو تعزيز منظومة الأمن الغذائي في المملكة، أعلنت الشركة الوطنية لإمدادات الحبوب (سابل) عن بدء تفعيل الاستفادة من الأصول المنقولة إليها.
وذلك من خلال تنفيذ أول عملية تفريغ لشحنة ذرة مخصصة للقطاع الخاص في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام.
إقرأ ايضاً:الهلال يخسر نجمه قبل لقاء مانشستر سيتي .. إنزاجي يعلن البدائلالخزامى والطلح والسدر.. غطاء نباتي يزدهر في محمية الملك سلمان
هذه العملية التشغيلية تمثل انطلاقة فعلية لاستثمار البنية التحتية المتطورة التي باتت الشركة تمتلكها، وتُجسد جاهزيتها الميدانية لخدمة سلاسل الإمداد الحيوية في المملكة، خاصة في ما يتعلق بالسلع الغذائية الأساسية.
وقد جاء هذا التحرك ضمن الخطة التشغيلية التي وضعتها "سابل"، والتي تهدف إلى رفع كفاءة التعامل مع السلع الإستراتيجية، وزيادة مرونة سلسلة التوريد الغذائي من خلال مراكز توزيع تمتد على امتداد جغرافي واسع داخل المملكة.
وتُعد شحنة الذرة الأولى مؤشرًا عمليًا على دخول الشركة في المرحلة الفعلية من إدارة الإمدادات الزراعية، بالشراكة مع القطاع الخاص، بما يعكس تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية وشبه الحكومية في سبيل تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
هذه الخطوة التشغيلية ليست مجرد تحرك لوجستي، بل تُعبر عن توجه اقتصادي وطني في غاية الأهمية، يتمثل في بناء منظومة مستقلة وفعالة تُمكّن المملكة من الحفاظ على استقرار إمدادات الغذاء مهما كانت التحديات العالمية.
فالذرة تُعد من المواد الأساسية التي تدخل في العديد من الصناعات الغذائية والعلف الحيواني، وهو ما يجعلها عنصرًا استراتيجيًا في خريطة الأمن الغذائي.
الشركة أوضحت أن هذه العملية ستعزز من قدرتها على الاستجابة السريعة لمتغيرات الأسواق العالمية، وستمنحها مرونة في التعامل مع تقلبات العرض والطلب، خاصة في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات في سلاسل التوريد بسبب الأزمات الاقتصادية والمناخية والسياسية.
كما أن وجود فروع تشغيلية في أربعة من أهم الموانئ السعودية – الدمام، وجازان، وجدة، وينبع – يمنح "سابل" قدرة لوجستية عالية على استقبال السلع من مختلف الجهات، وتوزيعها بكفاءة على الأسواق المحلية.
وتمثل هذه الإمكانيات أساسًا استراتيجيًا لخلق توازن في السوق المحلية من حيث توافر الحبوب والمنتجات الزراعية، والتقليل من الفجوات الزمنية في التوزيع.
كما تُعد هذه الخطوة رسالة اطمئنان للمستهلك بأن هناك منظومة وطنية متماسكة تعمل على تأمين الاحتياجات الأساسية بشكل دائم ومرن، ويعزز ذلك من ثقة المجتمع في قدرة المملكة على تجاوز التحديات المستقبلية المتعلقة بالأمن الغذائي.
وتأتي هذه التحركات تماشيًا مع جهود المملكة المتسارعة في بناء بنية تحتية غذائية متطورة، تقوم على مفاهيم الاستدامة والجاهزية.
فوجود كيان وطني مثل "سابل" يمتلك هذا المستوى من التجهيزات والخبرة يعني أن المملكة باتت تملك زمام المبادرة في مجال توريد وتوزيع الحبوب، وهو ما يحدّ من الاعتماد على الأطراف الخارجية ويوفر حلولًا ذات طابع وطني خالص.
الخطوة كذلك تسهم في دعم الاقتصاد المحلي، من خلال تمكين القطاع الخاص من الحصول على المواد الخام الحيوية بطريقة ميسّرة ومنظمة، ما يساعد في استقرار أسعار المواد الغذائية، ويمنح الشركات الوطنية فرصًا أكبر للنمو والمنافسة.
هذا الدعم غير المباشر من "سابل" للقطاع الخاص يخلق بيئة اقتصادية أكثر توازنًا ويُسهم في دعم الصناعات المحلية التي تعتمد على الحبوب كمدخل أساسي للإنتاج.
ويُعد التفعيل العملي لمهام "سابل" دليلًا حيًا على أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو تحقيق أحد أهم أهدافها الإستراتيجية في رؤية 2030، وهو الوصول إلى منظومة أمن غذائي متكاملة تضمن استدامة الإمدادات وسرعة توزيعها، مهما كانت التحديات.
وهذا ما يُحول الشركة من مجرد جهة تشغيلية إلى أحد أعمدة الاستقرار الاقتصادي الوطني في قطاع بالغ الحساسية مثل الغذاء.