هيئة الاتصالات والفضاء

ما هي "خطة الطيف الترددي"؟.. "هيئة الاتصالات والتقنية السعودية" تكشف التفاصيل الكاملة

كتب بواسطة: محمد مكاوي |

أعلنت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية عن إطلاق خطتها الاستراتيجية للاستخدام التجاري والمبتكر للطيف الترددي للأعوام 2025–2027، في خطوة نوعية تعكس توجه المملكة نحو ترسيخ مكانتها الريادية في مجال التقنيات اللاسلكية المتقدمة.

هذه المبادرة تأتي ضمن مساعي الهيئة لتسريع التحول الرقمي الوطني وتعزيز البنية التحتية الرقمية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 الرامية إلى بناء اقتصاد رقمي مزدهر، مرن ومستدام.
إقرأ ايضاً:انطلاق تطبيق نظام "التأمين الاجتماعي" الجديد ..... بداية من هذا الموعد!هل يكسر الهلال "عقدة غوارديولا"؟.. "مواجهة نارية" أمام خصم لم تهتز شباكه أمام العرب أبداً

وتضع الخطة الجديدة الطيف الترددي في موقع القلب من عملية التحديث، باعتباره أحد أهم الممكنات التقنية التي تقود الابتكار وتدعم النمو الاقتصادي وتعزز تنافسية المملكة عالميًا في مجالات التقنية والاتصالات.

ويمثل الطيف الترددي موردًا سياديًا عالي القيمة، وتقوم عليه جميع الحلول التقنية اللاسلكية الحديثة، من شبكات الاتصالات إلى تطبيقات الجيل السادس المستقبلي، ولذلك، تستهدف الخطة تحسين كفاءة تخصيص هذا المورد الحيوي، من خلال أطر تنظيمية مرنة وحديثة تسمح بتكييفه مع متطلبات المرحلة القادمة.

وتعد جودة الخدمة وتوسيع التغطية لشبكات الاتصالات العامة من أبرز أولويات الهيئة، حيث سيتم توفير المزيد من الترددات لدعم احتياجات مزودي الخدمة، بما يضمن تجربة اتصال محسّنة ومستقرة للمستخدمين في مختلف أنحاء المملكة.

ومن المتوقع أن يمتد تأثير هذه الخطة ليشمل مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية، لاسيما أن استخدامات الطيف الترددي تتجاوز الاتصالات لتصل إلى النقل، الصناعة، الطاقة، الأمن، والابتكار العلمي.

كما تُعد الخطة ركيزة تمكينية أساسية لاستضافة المملكة للفعاليات العالمية الكبرى، التي تتطلب مستويات عالية من الجاهزية التقنية، خاصة في البث والاتصالات والتشغيل الآني.

ومن خلال هذه الخطوة، تؤكد الهيئة حرصها على أن تكون المملكة منصة جاهزة لاحتضان أحداث عالمية بمعايير تكنولوجية متقدمة، تواكب حجم الطموحات الوطنية.

ولم تغفل الخطة التوجهات المستقبلية للاتصالات الفضائية، حيث تم وضع تركيز خاص على دعم تطبيقات الشبكات غير الأرضية (NTN) وتمكين أنظمة الأقمار الصناعية من الوصول العادل للطيف.

كما يشكل دعم تقنية النفاذ اللاسلكي الثابت (FWA) خطوة إضافية نحو تعزيز حلول الإنترنت عالية السرعة، خصوصًا في المناطق التي يصعب ربطها عبر الألياف الضوئية، كذلك، ستمكّن الخطة من إطلاق الجيل الأحدث من شبكات الواي فاي خارج المباني عبر آلية الوصول الديناميكي (AFC)، التي تستند إلى مفهوم المشاركة الذكية للطيف، ما يفتح آفاقًا جديدة للاستخدام الجماهيري والمهني.

وتتخذ الهيئة من تطوير الصناعة المحلية هدفًا واضحًا، حيث تسعى الخطة إلى تمكين القطاعات الصناعية واللوجستية من إنشاء شبكات خاصة (Private Networks) وتفعيل تطبيقات إنترنت الأشياء (IoT) بشكل موسّع.

وستكون تقنيات النقل الذكي من بين المستفيدين المباشرين، إذ سيتم توفير ترددات خاصة لتطوير الأنظمة المرتبطة بالأمن والسلامة والإدارة المرورية الذكية، كما تتضمن الخطة تحفيز سوق المتاجرة بالطيف، بما يمكّن من تخصيصه وبيعه أو تأجيره بطريقة شفافة وفعالة، ما يدعم نشوء سوق رقمي متقدم للطيف كأصل اقتصادي قابل للتداول.

وفي سبيل دعم منظومة البحث والابتكار، تتيح الخطة البيئة المناسبة لإجراء التجارب التقنية والتطويرية، لا سيما في التقنيات الناشئة مثل شبكات الجيل السادس (6G)، ما يرسّخ موقع المملكة كمركز إقليمي للتجربة والاختبار.

كما يُتوقّع أن تُسهم هذه البيئة المحفزة في جذب الاستثمارات التقنية العالمية، وتعزيز شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يتماشى مع توجّه المملكة لقيادة الاقتصاد الرقمي في المنطقة، وتحقيق نقلة نوعية في بيئة الأعمال التقنية.

ويعكس إطلاق هذه الخطة حرص الهيئة على نهج تشاركي وشامل، حيث كانت قد دعت العموم والمستثمرين المحليين والدوليين لإبداء مرئياتهم حول مسودة الخطة، واستقبلت مقترحات من جهات متنوعة تشمل الاتصالات، الفضاء، الصناعة، النقل، إضافة إلى منظمات أكاديمية وشركات تصنيع التقنية حول العالم.

ويعزز هذا التفاعل نهج الشفافية والمشاركة الجماعية في اتخاذ القرار، ويضمن مواءمة الخطط الوطنية مع الاحتياجات الحقيقية للقطاع الخاص والمجتمع العلمي.

ويُنتظر أن تسهم هذه الخطة في تمكين الاستخدام الأمثل للطيف الترددي وتحقيق التوازن بين الاستخدامات التجارية والابتكارية، بما يدعم جاهزية المملكة لتحديات العقد القادم، ويوفر بنية رقمية مرنة وقادرة على استيعاب النمو السريع في الطلب على الاتصالات والتقنية.

وفي ظل تسارع التحولات الرقمية عالميًا، تثبت المملكة من خلال هذه المبادرة قدرتها على قيادة التوجهات المستقبلية وصياغة حلول تقنية تتجاوز مرحلة الاستهلاك إلى الإنتاج والريادة.