نجح فريق طبي متخصص في مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بمدينة الخبر في إنقاذ حياة طفل حديث الولادة، وُلد وهو يعاني من ضيق تنفسي حاد، نتيجة حالة طبية نادرة تُعرف بتسرب الكيلوس الجنيني، وهي من الحالات الخطيرة التي قد تهدد حياة الطفل في حال عدم التدخل الطبي السريع والدقيق، مما يعكس مستوى الجاهزية الطبية في التعامل مع الحالات المعقدة داخل المستشفى.
ووفقًا لتفاصيل الحالة، فإن الطفل كان قد شُخص وهو لا يزال في رحم والدته بتسرب الكيلوس، وهو نوع من السائل اللمفاوي الغني بالدهون والبروتينات، والذي بدأ بالتجمع داخل تجويف الصدر مسببًا ضغطًا شديدًا على الرئتين والقلب، مما أدى إلى ضيق حاد في التنفس فور ولادته، وتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً لإنقاذه، ووقف تدهور حالته الصحية.
إقرأ ايضاً:
رقم قياسي جديد في يونيو.. موانئ السعودية تواصل تحقيق الأرقام الكبيرةلأول مرة في تاريخ الأرصاد .. فتح باب الترخيص لمهنة كبير راصدينوكان الفريق الطبي بقيادة الدكتور فهد الصفيان والدكتور محمد خليل، استشاريي العناية المركزة للمواليد والخدج، قد أعد خطة علاجية متكاملة تضمنت تحضير وحدة العناية المركزة لاستقبال الطفل فور ولادته، حيث كان في انتظاره فريق مكوّن من أطباء العناية المركزة، وأخصائيي التنفس، وطاقم تمريضي مدرب على التعامل مع الحالات الحرجة لدى المواليد.
وأشار الدكتور محمد خليل إلى أن الطفل كان يعاني عند ولادته من صعوبة شديدة في التنفس، وقد تبيّن سريعًا أن السبب يعود إلى تراكم الكيلوس في الفراغ المحيط بالرئة، مما شكل ضغطًا متزايدًا على الجهاز التنفسي والدورة الدموية، وهي حالة تستوجب تحركًا فوريًا لتقليل الضغط وإنقاذ الأعضاء الحيوية من التلف، خاصة أن استمرار التسرب يؤدي إلى فقدان الجسم لعناصر مهمة للمناعة والسيولة والدهون والأملاح.
وأضاف الدكتور خليل أن الفريق وضع خطة علاجية من مرحلتين، استهدفت الأولى التدخل الجراحي العاجل لتخفيف الضغط على الرئتين، حيث تم إدخال أنبوب طبي بلاستيكي لسحب السائل المتراكم، ثم وضع الطفل على جهاز التنفس الاصطناعي لضمان وصول الأكسجين بشكل كافٍ إلى أعضاء الجسم، وقد أدت هذه الإجراءات إلى استقرار مؤقت في حالة الطفل.
ولكن التسرب لم يتوقف بشكل كامل، مما دفع الفريق الطبي إلى بدء المرحلة الثانية من الخطة العلاجية، والتي تضمنت استخدام أدوية مخصصة لتقليل إفراز السائل، إلى جانب توفير تغذية خاصة تعتمد على نوع من الحليب مصمم خصيصًا لحالات تسرب الكيلوس، وتم الاستمرار على هذا البرتوكول لمدة أسبوع كامل، مع مراقبة دقيقة لحالة الطفل.
وتابع الدكتور خليل أن التحسن في حالة الطفل بدأ يظهر تدريجيًا، حيث تباطأ إفراز السائل بشكل ملحوظ، ثم توقف تمامًا، مما سمح للفريق الطبي بسحب أنبوب تصريف السائل، ورفع جهاز التنفس الاصطناعي، بعد التأكد من أن الطفل أصبح قادرًا على التنفس بشكل طبيعي دون دعم خارجي، وهي لحظة اعتُبرت مفصلية في عملية التعافي.
وأكد الفريق المعالج أن أعضاء الطفل الحيوية، بما في ذلك الرئتان والقلب والكبد، كانت في حالة جيدة بعد انقضاء مراحل العلاج، وتم إخضاعه لسلسلة من الفحوصات الدقيقة قبل اتخاذ قرار إخراجه من المستشفى، وقد غادر وهو في حالة صحية مستقرة، وسط ارتياح واسع من أسرته والطاقم الطبي.
وتُعد حالة تسرب الكيلوس الجنيني من الحالات شديدة الندرة، إذ تشير الأدبيات الطبية إلى أن معدلات حدوثها منخفضة للغاية، وتُشكل تحديًا حقيقيًا للمستشفيات التي لا تملك الكوادر والتقنيات اللازمة للتعامل معها، مما يجعل هذا النجاح الطبي في مستشفى الدكتور سليمان الحبيب مثالًا بارزًا على التقدم في مستوى الرعاية الطبية للمواليد في المنطقة.
ويؤكد هذا الإنجاز قدرة المستشفى على التعامل مع أكثر الحالات الطبية تعقيدًا، بفضل تجهيزاته المتقدمة وكوادره المتخصصة، حيث يضم قسم العناية المركزة للمواليد والخدج أجهزة حديثة للمراقبة والعلاج، إلى جانب توافر الخبرات الطبية في تخصصات دقيقة، تُمكّن الفريق من تقديم رعاية فائقة للأطفال حديثي الولادة.
ويعكس النجاح أيضًا أهمية التخطيط الاستباقي والتنسيق بين الأقسام الطبية المختلفة، حيث تم إشراك التخصصات اللازمة منذ لحظة تشخيص الحالة قبل الولادة، إلى ما بعد إجراء الجراحة والرعاية الداعمة، وهو ما أسهم في ضمان استمرارية الرعاية وتكاملها حتى الوصول إلى النتيجة المرجوة.
وأشار مسؤولو المستشفى إلى أن إنقاذ هذا الطفل يُعد ثمرة الاستثمار المتواصل في تحديث الإمكانات الطبية وتدريب الكوادر، بما يواكب المعايير العالمية في طب المواليد والعناية المركزة، ويضع المستشفى في مصاف المراكز المتقدمة إقليميًا في هذا المجال.
ويجدر بالذكر أن المستشفى يشهد سنويًا استقبال عدد من الحالات النادرة والمعقدة، ويتم التعامل معها ضمن بروتوكولات طبية دقيقة تراعي سلامة المريض وتوظف أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الطبية، مع الحفاظ على أعلى معايير الجودة والسلامة.
ولقي هذا النجاح صدى واسعًا بين الأوساط الطبية، حيث اعتُبر إنقاذ حياة الطفل دليلًا ملموسًا على ما يمكن تحقيقه عندما تتكامل الجهود بين مختلف التخصصات، وتُوفر البنية التحتية الطبية القادرة على الاستجابة الفورية للتحديات الطارئة.
واختتم الدكتور خليل حديثه بالتأكيد على أن المستشفى سيواصل التزامه بتقديم أعلى مستويات الرعاية، خصوصًا في الحالات الحرجة والنادرة، مؤكدًا أن الاستثمار في التجهيزات الطبية وتدريب الكوادر هو السبيل لمواصلة هذا النوع من النجاحات، وتعزيز الثقة في منظومة الرعاية الصحية الوطنية.