المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين.

عرض خيالي لم يقنعه .. كيف خسر الهلال سباق التعاقد مع أوسيمين أمام جالطة سراي؟

كتب بواسطة: حسن بكري |

فجّرت الصحافة التركية مفاجأة مدوية في سوق الانتقالات الصيفية بعدما أعلنت حسم نادي جالطة سراي التركي صفقة انضمام المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين، قادماً من نابولي الإيطالي، رغم دخول نادي الهلال السعودي بقوة في السباق ومحاولته الجادة لخطف اللاعب في صفقة وصفت بأنها كانت ستُحدث نقلة كبرى في الدوري السعودي.

وجاءت هذه التطورات في وقت بالغ الأهمية للهلال، الذي يسعى منذ أسابيع لتعزيز صفوفه الهجومية بنجم عالمي قادر على إحداث الفارق، حيث كانت إدارة النادي قد رصدت مبلغاً ضخماً لاستقطاب أوسيمين، وعرضت دفع الشرط الجزائي البالغ 75 مليون يورو دفعة واحدة، وهو عرض لم يُقابل بمثيل على الطاولة.

إقرأ ايضاً:

الأمن والحماية تضبط مقيمين يخالفون النظام البيئي في تبوك وتوقع عقوبة صارمةإجراء تنظيمي جديد .. "التعليم" تعتمد دليل تخطيط شاغلي الوظائف التعليمية لهذا السبب

لكن المفاجأة جاءت من جانب اللاعب نفسه، الذي رفض العرض المقدم من الهلال بشكل نهائي، واعتذر عن الانتقال للدوري السعودي، رغم الإغراءات المالية غير المسبوقة، وفي مقدمتها عرض براتب سنوي قدره 50 مليون يورو، ما شكل صدمة كبيرة داخل أروقة النادي السعودي الذي كان يرى في الصفقة إنجازاً استراتيجياً قبل بداية الموسم.

والرفض السريع من أوسيمين لخوض تجربة احترافية في الدوري السعودي أثار علامات استفهام عديدة، خصوصاً أن الهلال قدم عرضاً مالياً يفوق ما قدمه جالطة سراي بمراحل، ومع ذلك اختار المهاجم النيجيري الانتقال إلى النادي التركي، في خطوة غير متوقعة على الإطلاق.

والصحفي التركي نيفات دينار كشف عن تفاصيل الصفقة بشكل دقيق، موضحاً أن جالطة سراي سيدفع نفس قيمة الشرط الجزائي المدرج في عقد اللاعب مع نابولي، وهي 75 مليون يورو، لكن على شكل دفعات متفرقة، ما يثير تساؤلات حول الضمانات المالية ومستقبل الالتزام بالاتفاق.

وبحسب ما نُشر، فإن الدفعة الأولى التي سيدفعها جالطة سراي تبلغ 15 مليون يورو، بينما تُقسم المبالغ المتبقية على أربع سنوات، حيث سيدفع النادي التركي 15 مليون يورو في كل سنة حتى تكتمل القيمة، دون وجود أي خطاب ضمان بنكي رسمي لتأمين الصفقة، ما يزيد من الغموض المحيط بإتمامها.

وهذا الترتيب المالي وصفه مراقبون بأنه يحمل في طياته مجازفة كبيرة من نادي نابولي، الذي وافق على الصفقة رغم غياب ضمانات السداد الفوري، وهو أمر نادر الحدوث في صفقات بهذا الحجم، لكنه على ما يبدو يعكس رغبة إدارة النادي الإيطالي في التخلص من اللاعب بعد موسم شاق.

ومن جهة الهلال، تسببت هذه الصفقة في خيبة أمل واضحة داخل إدارة النادي التي كانت قد وضعت أوسيمين كخيار أول لتدعيم خط الهجوم، وراهنت على قدراته البدنية والتكتيكية ليشكل إضافة نوعية في المنافسات القارية والمحلية المقبلة، لكن المهاجم النيجيري قرر خوض تجربة أخرى في أوروبا.

وتسابق إدارة الهلال الزمن حالياً للبحث عن بديل مناسب بنفس القيمة الفنية، وتشير مصادر مقربة إلى أن تركيزها بات منصباً الآن على الدوري الألماني، حيث يتم دراسة ملفات عدد من المهاجمين البارزين بهدف التوصل إلى اتفاق قبل إغلاق نافذة الانتقالات الصيفية.

ورغم أن الهلال أظهر التزاماً مالياً كبيراً يعكس قوته الشرائية ورغبته في جلب أفضل المواهب العالمية، إلا أن الواقع الرياضي يثبت أن المال وحده لا يكفي دائماً، فاختيار اللاعب يتأثر أيضاً بعوامل فنية وشخصية تتعلق بطموحه المهني وارتباطه بثقافة الكرة الأوروبية.

ويرى متابعون أن رفض أوسيمين ارتداء قميص الهلال رغم العرض المغري، ربما يعود إلى رغبته في البقاء ضمن نطاق المنافسات الأوروبية الكبرى، خاصة أن جالطة سراي يشارك في البطولات القارية، مما يمنحه فرصة الظهور بشكل مستمر في دوري أبطال أوروبا.

وتعكس هذه الصفقة حجم المنافسة الشرسة في سوق الانتقالات، والتي لم تعد تقتصر فقط على الأندية الأوروبية التقليدية، بل باتت تشهد دخولاً قوياً من الأندية الخليجية التي تملك قدرة مالية عالية، وتسعى لتغيير خريطة التعاقدات العالمية من خلال استقطاب نجوم الصف الأول.

وقد كانت التوقعات تشير إلى أن الهلال هو الأقرب للفوز بخدمات أوسيمين، خصوصاً بعد أن تواصلت المفاوضات لأيام عدة، وأبدى النادي السعودي مرونة كبيرة في البنود التعاقدية، غير أن القرار النهائي بقي بيد اللاعب، الذي فضّل خياراً رياضياً آخر رغم الفارق في العروض.

ويرى البعض أن الصفقة تؤكد صعوبة كسر حاجز العقلية الأوروبية لدى بعض اللاعبين، حيث لا يزال البقاء في الدوريات الكبرى يمثل هدفاً لدى كثير من النجوم رغم الإغراءات المالية الهائلة التي تقدمها بعض الأندية الخليجية، في الوقت الذي يعتبره آخرون دافعاً للأندية لمراجعة استراتيجيات التفاوض والإقناع.

ويُنتظر أن تنعكس هذه التطورات على خطط الهلال للموسم الجديد، خاصة أن التعاقد مع نجم عالمي بحجم أوسيمين كان ليمنح الفريق دفعة معنوية وفنية هائلة، إلا أن إدارة النادي تبدو مصممة على تعويض هذا الإخفاق بصفقة أخرى تُرضي الطموحات وتعكس المكانة التي وصل إليها الفريق في السنوات الأخيرة.

وفي خضم هذه الأحداث، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى قدرة الأندية السعودية على تجاوز الحواجز الثقافية والتنافسية في سعيها لجذب النجوم، وهل سيكون المستقبل أكثر مرونة، أم أن أوروبا ستظل الوجهة المفضلة مهما بلغ حجم العروض المالية من خارجها.