جسم غامض يقترب من الشمس بسرعة مذهلة.

"وكالة ناسا" تؤكد: رصد "الجسم بين النجمي الثالث" في التاريخ.. وهذه هي خصائصه الغريبة

كتب بواسطة: سالي حسنين |

في ظاهرة نادرة تكررت للمرة الثالثة فقط في التاريخ الحديث، أعلن علماء الفلك عن رصد جسم سماوي غامض قادم من خارج النظام الشمسي، أطلق عليه اسم "3I/ATLAS"، ليضاف إلى قائمة الأجرام بين النجمية المعروفة التي عبرت منطقتنا الكونية، بعد الجسم الغريب "أومواموا" الذي ظهر عام 2017، والمذنب "بوريسوف" الذي رُصد عام 2019.

ويحمل الجسم الجديد خصائص مثيرة للاهتمام، حيث يسير بسرعة خارقة تقارب 210,000 كيلومتر في الساعة، ما يجعله من أسرع الأجسام التي تم رصدها وهي تعبر النظام الشمسي، ويُعتقد أنه سيصل إلى أقرب نقطة له من الشمس في أواخر أكتوبر من عام 2025، قبل أن يواصل رحلته الطويلة خارج النظام الشمسي.

إقرأ ايضاً:

مشاريع أكوا باور ملامح تغيّر قطاع الطاقة المتجددة في السعودية.. عقود طاقة متجددة بـ31.1 مليار ريالالقطاع العقاري السعودي يواصل صعوده للأسبوع الثاني .. هل هي فرصة استثمارية واعدة؟

ومنذ لحظة اكتشافه، جذب "3I/ATLAS" أنظار المجتمع العلمي، خاصة بعد أن تم التأكد من مصدره بين النجوم خلال 24 ساعة فقط من الرصد، وهي سرعة قياسية في تحديد الهوية الفلكية لأجرام من هذا النوع، ما يدل على طبيعة استثنائية ومدار غير مألوف بالنسبة لأجسام النظام الشمسي المعروفة.

وبحسب وكالة "ناسا"، فإن التحليل الأولي لمسار الجسم أظهر أنه يتحرك عبر النظام الشمسي بزاوية شبه عمودية على مستوى مدار الشمس، وهو مسار غير معتاد تمامًا بالنسبة للأجسام القادمة من أطراف المجرة، ويُعزز من فرضية كونه زائرًا من الفضاء بين النجوم.

ورغم هذا الاقتراب المثير، أكد علماء الفلك أن الجسم لا يشكل خطرًا على كوكب الأرض، حيث سيبقى على بعد لا يقل عن 240 مليون كيلومتر عنها، وهي مسافة آمنة جدًا في المقاييس الفلكية، تعادل نحو 1.6 وحدة فلكية، ما يطمئن من احتمالات الاصطدام أو التأثير الجذبي.

وتُظهر الملاحظات الأولية أن الجسم يشبه في مظهره المذنبات المعروفة، إذ تحيط به سحابة من الغبار والجليد، وربما يمتد له ذيل مكوَّن من الغازات المتطايرة، وتُقدّر أبعاده مع الهالة المحيطة بنحو 24 كيلومترًا، ما يجعله أكبر من "أومواموا" و"بوريسوف"، وهما الجسمان اللذان أثارا نقاشات علمية واسعة عند عبورهما سابقًا.

ويشير حجم الجسم وتكوينه إلى أنه ربما يحمل أسرارًا عن المواد التي تتكوّن منها الأجرام في مناطق بعيدة من المجرة، وربما يعود إلى أزمان سحيقة من تكوّن الكواكب الأولى في الكون، وهو ما يفتح الباب أمام علماء الفلك والفيزياء الكونية لدراسات معمقة قد تعيد تشكيل بعض الفرضيات القديمة.

ويرجّح الباحثون أن مصدر "3I/ATLAS" هو المنطقة المعروفة بـ"القرص السميك" لمجرة درب التبانة، وهي منطقة مليئة بالنجوم القديمة، وتختلف من حيث التركيب والحركة عن القرص الرقيق الذي يضم أغلب نجوم المجرة، بما فيها شمسنا، ما يضيف بعدًا زمنيًا ومكانيًا معقدًا في فهم رحلة هذا الجسم النادر.

ويُعتقد أن الجسم دخل حدود النظام الشمسي في منتصف عام 2023، ولكنه لم يُكتشف إلا مؤخرًا مع تزايد سطوعه واقترابه من مركز النظام، ما يطرح تساؤلات حول عدد الأجسام المماثلة التي ربما تمر بالقرب من الأرض دون أن تُرصد إلا في مراحل متأخرة من عبورها.

وبحسب التقديرات الفلكية، فإن "3I/ATLAS" سيبقى في نطاق الرصد لبضع سنوات، وقد يصبح مرئيًا بالعين المجردة أو عبر تلسكوبات بسيطة خلال الأشهر القادمة، ما يوفر فرصة نادرة للهواة والمهتمين لرؤية جرم سماوي قادم من أعماق الفضاء بين النجوم.

ويشير علماء الفلك إلى أن دراسة هذه الأجسام تكتسب أهمية متزايدة، لأنها تمثل عينات طبيعية من خارج النظام الشمسي، وقد تكشف عن اختلافات في التكوين الكيميائي، أو تشير إلى وجود ظروف فلكية مختلفة عما هو سائد في منطقتنا من المجرة.

ويفتح هذا الرصد الباب أمام تطوير تقنيات متابعة أكثر تطورًا لرصد الأجسام بين النجمية، التي تُعد نادرة في رصدها، ولكن وجودها قد يكون أكثر شيوعًا مما كان يُعتقد، خاصة مع توسع نطاق التلسكوبات المتطورة وزيادة كفاءتها في تغطية السماء.

وفي الوقت الذي تتسابق فيه المراصد الفلكية لرصد مزيد من البيانات عن هذا الزائر الغريب، يبرز اسم "3I/ATLAS" كأحدث عنصر في سلسلة من الأجسام الكونية التي تكسر المألوف، وتدفع بحدود المعرفة البشرية خارج النظام الشمسي، إلى أعماق المجرة.

ويُتوقع أن يُسلط الضوء على هذا الجسم خلال الأشهر المقبلة في المنتديات والمؤتمرات العلمية، باعتباره حالة فريدة تحمل إمكانات معرفية مهمة، سواء على صعيد أصل المادة الكونية، أو طبيعة النظام الشمسي نفسه في تفاعله مع الأجسام العابرة.

ويرى بعض الفلكيين أن الجسم قد يكون بقايا من نظام كوكبي آخر تفكك بفعل اضطرابات نجمية، أو ربما رُمي بقوة هائلة من مركز مجري بعيد، وكلها احتمالات تزيد من غموض هذا الزائر القادم من وراء حدود الشمس.

ويبقى الغموض المحيط بـ"3I/ATLAS" عنصرًا جذابًا في القصة، حيث لا تزال العديد من تفاصيله غير مفهومة بالكامل، ومع ذلك فإن مجرد مروره ضمن نطاقنا الشمسي يتيح فرصة فريدة لتوسيع فهمنا للفضاء العميق والظواهر العابرة في الكون.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار