المسح ثلاثي الأبعاد

قفزة نوعية في سلامة النقل: المسح ثلاثي الأبعاد يعزز تحقيقات الحوادث

كتب بواسطة: محمد صالح |

في خطوة نوعية تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز معايير السلامة في قطاع النقل، أعلن المركز الوطني لسلامة النقل عن تبنيه لأحدث التقنيات الذكية في مجال تحقيقات السلامة، وتأتي هذه المبادرة ضمن سعيه الدؤوب لرفع كفاءة عمليات التحقيق في الحوادث بمختلف وسائل النقل، مؤكدًا بذلك حرصه على تحقيق أعلى مستويات الدقة والجودة في تحليل الأسباب والملابسات التي قد تؤدي إلى وقوع هذه الحوادث، بهدف الوصول إلى استنتاجات موثوقة تسهم في منع تكرارها مستقبلًا.

وقد أوضح المركز أن هذه القفزة النوعية في تبني التكنولوجيا الحديثة تشمل مجموعة من التقنيات المتطورة، يأتي في مقدمتها تقنية المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، هذه التقنية المبتكرة تمثل إضافة قيمة لقدرات فرق التحقيق المختصة، حيث تمكنها من توثيق مواقع الحوادث بدقة غير مسبوقة، ولم يعد الأمر مقتصرًا على التسجيل البصري التقليدي، بل يتجاوز ذلك إلى التقاط تفاصيل دقيقة للغاية لكل زاوية من زوايا موقع الحادث.
إقرأ ايضاً:رحيل نونيز: ليفربول في مأزق مالي بسبب رفض اللاعب الانتقال للسعوديةاستعد للدهشة.. الرياض على موعد مع تحفة عمرانية بارتفاع كيلومترين!

وتكمن الأهمية الجوهرية لتقنية المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد في قدرتها الفائقة على التقاط تموضع وسيلة النقل بشكل دقيق للغاية بعد وقوع الحادث، سواء كانت مركبة، طائرة، أو قطارًا، وهذا التوثيق الدقيق لا يشمل فقط موقع المركبة أو وسيلة النقل نفسها، بل يمتد ليشمل جمع التفاصيل البيئية المحيطة بموقع الحادث، مثل حالة الطريق، وجود أي عوائق، أو أي عوامل أخرى قد تكون قد ساهمت في وقوع الحادث أو أثرت على نتائجه، هذه البيانات الشاملة والدقيقة تعد حجر الزاوية في أي تحقيق معمق.

القدرة التحليلية لهذه التقنية لا تقتصر على مجرد التوثيق، بل تمتد إلى إمكانية إعادة بناء موقع الحادث بنماذج ثلاثية الأبعاد، هذه النماذج ليست مجرد صور، بل هي محاكاة تفاعلية للموقع بدقة وموثوقية عالية جدًا، إن إنشاء مثل هذه النماذج يوفر للمحققين بيئة افتراضية لإعادة تمثيل الحادث وتحليله من زوايا مختلفة، مما يسهم بشكل كبير في فهم تسلسل الأحداث والأسباب المحتملة التي أدت إلى وقوعه بطريقة أكثر احترافية وعمقًا.

يُعد هذا التطور التكنولوجي بمثابة رافعة قوية لجهود المركز الوطني لسلامة النقل في توفير معلومات دقيقة لصناع القرار والمعنيين بقطاع النقل والسلامة، فمن خلال تحليل البيانات ثلاثية الأبعاد، يمكن استخلاص رؤى قيمة حول نقاط الضعف في البنية التحتية، أو قصور في أنظمة السلامة، أو حتى الحاجة إلى تعديل اللوائح والتشريعات، وهذه المعلومات الدقيقة والموثوقة هي الأساس الذي يُبنى عليه اتخاذ القرارات الرشيدة التي تهدف إلى تعزيز مستويات السلامة العامة.

ويأتي هذا التطور النوعي ضمن جهود المركز المستمرة لتبني أحدث الممكنات التقنية، وهو ما يؤكد على رؤيته الاستشرافية في تطوير منظومة السلامة الوطنية، ففي عالم يتسم بالتطور التكنولوجي المتسارع، يصبح من الضروري مواكبة هذه التطورات لضمان تحقيق أعلى معايير السلامة، وهذه الخطوة لا تقتصر على تعزيز قدرات التحقيق فحسب، بل تمثل أيضًا استثمارًا في مستقبل أكثر أمانًا لمستخدمي جميع وسائل النقل في المملكة.

إن هذه المبادرات التقنية المتقدمة تتماشى بشكل مباشر مع المستهدفات الطموحة لرؤية السعودية 2030 في مجال سلامة النقل، رؤية المملكة تضع سلامة الأرواح والممتلكات على رأس أولوياتها، وتسعى إلى تحقيق نقل مستدام وآمن يخدم أهداف التنمية الشاملة، ومن خلال تبني هذه التقنيات، يسهم المركز الوطني لسلامة النقل بفعالية في تحقيق هذه الرؤية الطموحة، ويعزز مكانة المملكة كدولة رائدة في تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال سلامة النقل.

بفضل هذه التقنيات، يتطلع المركز الوطني لسلامة النقل إلى إحداث تحول جذري في كيفية التعامل مع حوادث النقل، ليس فقط من منظور التحقيق، بل من منظور وقائي بحت، فالهدف الأسمى هو تقليل الحوادث وإصاباتها قدر الإمكان، وضمان أن كل رحلة في المملكة، مهما كانت وسيلة النقل، تتم بأمان تام، مما يعزز الثقة في منظومة النقل الوطنية ويسهم في بناء مجتمع آمن ومزدهر.