في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، تصدّر قرار نادي الهلال السعودي بالانسحاب من بطولة كأس السوبر السعودي لكرة القدم المشهد الرياضي والإعلامي خلال الساعات الماضية، حيث أثار الإعلان الرسمي عن الانسحاب موجة من التساؤلات وردود الأفعال، تخللها الكثير من الجدل والنقاشات الحادة بين المتابعين والنقاد.
وكانت وسائل إعلام محلية قد أكدت أن نادي الهلال حسم موقفه النهائي بعدم المشاركة في البطولة التي من المقرر إقامتها في الصين خلال الفترة من 19 إلى 23 أغسطس المقبل، وسط غياب تفاصيل واضحة حول الأسباب الرسمية التي دفعت النادي إلى اتخاذ هذه الخطوة المفاجئة.
إقرأ ايضاً:
من إجازة مفتوحة إلى محددة.. السعودية تنظم عطلات الأعياد بحديها الأدنى والأقصى"لتحويل الأفكار إلى مشاريع".. "منشآت" تطلق أسبوع "مسار الفكرة" في جدةوفي خضم هذه الأجواء المتوترة، دخل الإعلامي عبد العزيز المريسل على خط الأزمة، مطلقًا تغريدة مثيرة عبر حسابه في منصة "إكس"، أثارت بدورها جدلاً واسعاً، واعتبرها كثيرون أنها تحمل إسقاطاً غير مباشر على نادي الهلال وإدارته، بينما احتفى بها أنصار النصر باعتبارها تعبيراً صريحاً عن تفوق ناديهم على الصعيد الجماهيري.
والمريسل كتب في تغريدته: "أعتقد أن ما قدمه الهلال في مونديال كأس العالم للأندية 2025 من ملحمة كروية عظيمة لن تشفع له بأن يكون له شعبية كبيرة على مستوى العالم كالنصر، ولهذا ربما جزموا أن الاستقبال الجماهيري له في الصين لن يكون أفضل من النصر فقرروا الانسحاب"، وهي العبارات التي اعتُبرت من قبل البعض تهكماً صريحاً.
وجمهور الهلال لم يلتزم الصمت إزاء هذه التصريحات، حيث امتلأت المنصات الاجتماعية بتعليقات غاضبة وردود مباشرة على المريسل، متهمين إياه بإشعال الفتنة بين الأندية وبتوظيف الأحداث لأغراض تشجيعية بحتة، في حين دافع آخرون عن رأيه باعتباره تعبيراً عن واقع يراه كثيرون في الحضور الجماهيري الدولي المتصاعد لنادي النصر.
وقرار الهلال بالانسحاب من البطولة التي تنظمها وزارة الرياضة السعودية أثار أيضاً تكهنات حول وجود خلافات تنظيمية أو تحفظات على الجوانب الإدارية والفنية المتعلقة بالمشاركة، خصوصًا مع تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن الأجندة المزدحمة التي تواجه الأندية السعودية بسبب التزاماتها المحلية والقارية والدولية.
كما أشار محللون إلى أن إقامة البطولة في الصين، وتزامنها مع استعدادات الأندية للموسم الجديد، ربما شكّل ضغطًا لوجستيًا وبدنيًا على اللاعبين، وهو ما قد يكون من بين الأسباب غير المعلنة لقرار الهلال، في الوقت الذي تترقب فيه الجماهير الإعلان الرسمي من النادي لشرح حيثيات القرار.
وتأتي هذه التطورات في ظل سباق واضح بين أندية القمة السعودية لتعزيز حضورها العالمي، في أعقاب الانفتاح الكبير الذي شهده الدوري السعودي مؤخرًا من خلال استقطاب نخبة من النجوم العالميين، وهو ما جعل المنافسة تتجاوز الإطار المحلي لتأخذ طابعًا دوليًا يركز على الجماهيرية والعائد التسويقي.
ونادي النصر الذي يُنتظر أن يشارك في البطولة، يحظى بدوره بحضور جماهيري لافت خارج حدود المملكة، لا سيما بعد التعاقد مع أسماء عالمية لامعة خلال الموسمين الأخيرين، وهو ما أعاد تشكيل خارطة التنافس الجماهيري في المنطقة، وأشعل المنافسة بين الأندية الكبرى على قاعدة الشعبية الدولية.
وكانت الصين قد أعلنت استعدادها الكامل لاستضافة نسخة استثنائية من كأس السوبر السعودي في أغسطس المقبل، في إطار توجه رياضي لتعزيز التعاون الرياضي بين البلدين، وهو ما اعتبرته الصحافة الصينية حدثًا استثنائيًا يعكس مدى جاذبية الكرة السعودية على المستوى العالمي.
وانسحاب الهلال، الذي يُعد أحد أكبر الأندية السعودية وأكثرها تتويجًا بالبطولات، يطرح تساؤلات بشأن تأثيره على صورة البطولة في نسختها الخارجية، كما يثير قلقًا من احتمالية اتخاذ أندية أخرى قرارات مماثلة في المستقبل إذا لم تتم معالجة الأسباب التنظيمية المحتملة.
ومن جانبها، لم تصدر وزارة الرياضة السعودية حتى الآن أي بيان رسمي بشأن انسحاب الهلال، كما لم تصدر الجهة المنظمة للبطولة توضيحًا حول ما إذا كان سيتم استبدال الهلال بفريق آخر أو تعديل جدول المباريات، ما يترك الباب مفتوحًا أمام الكثير من السيناريوهات.
والمراقبون يرون أن الخطوة قد تترك أثرًا طويل المدى على صورة الهلال في المشاركات الخارجية، لا سيما إذا تم تفسيرها على أنها انسحاب غير مبرر من حدث مهم، ما قد يؤثر على علاقة النادي بالجهات المنظمة والداعمة للبطولات الدولية في المستقبل.
وفي المقابل، اعتبر البعض أن المريسل بتغريدته أراد تسليط الضوء على واقع جديد في كرة القدم السعودية، يتمثل في تزايد أهمية الشعبية الجماهيرية كعنصر مؤثر في تقييم الأندية، وهو ما يجعل الصراع خارج الملعب لا يقل حدة عن التنافس داخله.
ولكن الخشية تبقى من أن تتحول مثل هذه التغريدات إلى وقود لخلافات جماهيرية تتجاوز الحدود المقبولة، خصوصًا في ظل الأجواء المشحونة التي تحيط بالمنافسة بين الأندية الكبرى في المملكة، وهو ما يتطلب تدخلاً حكيمًا من الأطراف المسؤولة للحفاظ على روح التنافس الرياضي.
والكرة الآن في ملعب نادي الهلال لتوضيح ملابسات القرار، سواء بدوافع فنية أو لوجستية أو حتى سياسية داخلية في النادي، حيث تنتظر الجماهير بيانًا رسميًا يكشف بوضوح الأسباب التي دفعت الإدارة لاتخاذ هذا المسار، في ظل صمت إعلامي غير معتاد من جانب النادي في مثل هذه المواقف.
وبينما تتصاعد التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو أن الصراع بين الهلال والنصر لم يعد مجرد تنافس كروي داخل المستطيل الأخضر، بل أصبح مواجهة شاملة تشمل الإعلام والجماهير والمنصات الرقمية، مما يعكس التحول الكبير الذي تشهده الرياضة السعودية في السنوات الأخيرة.